الموتى. ووصف المستر غروفز ذلك بقوله : «إن البلية ألجمت الناس بحيث كان المرض يستولي على اللب حينما كان يفكر المرء به».
وقد كانت أول لمحة من لمحات الفرج في مضاعفات الألم هذه ومعاناته تنطوي في هبوط مستوى المياه الذي حصل في بداية أيار. وبعد ذلك بمدة وجيزة جيء بشيء من الرز من الجانب الآخر. وكان محتكرو الحطب الذين استغلوا احتياج السكان المساكين وعوزهم قد وقعوا فرائس للوباء فأصبح الحصول على ما كان عندهم من وقود شيئا ممكنا. ثم تسنى للمساكين التعساء الذين لم يتذوّقوا طعاما مفيدا مدة طويلة من الزمن أن يطبخوا طعاما مناسبا. وبعد قليل ، أي في الرابع من أيار ، ظهرت بوادر التخفيف من وطأة الطاعون نفسه. إذ كانت الأيام التي سبقت ذلك جميلة وسماؤها صافية الأديم ، وبشّر ارتفاع الحرارة بالحد من ضراوته. وفي ذلك اليوم نفسه قل عدد الحالات المرضية الجديدة وهبط عدد الوفيات أيضا ، بينما تطاولت قائمة المتماثلين إلى الشفاء. «وقد سرّت أنظارنا» على حد قول المستر غروفز «حينما رأينا ثلاثة أو أربعة من السقائين يعودون للعمل وهو أول منظر نشاهده من هذا القبيل خلال عشرة أيام. كما شوهد المزيد من الناس يمرون بالأزقة والشوارع ، وفي هذه الليلة سمعت لأول مرة منذ ثلاثة أسابيع الملالي يؤذنون للصلاة».
ومنذ هذا الوقت فصاعدا كانت أخبار المدينة تتحسن بالتدريج. غير أن ما يؤسف له أن المرض الذي لم يتعرّض لبيت المستر غروفز حتى الآن ظهر فيه في اليوم السابع من أيار ، وكما هو معروف تمام المعرفة كان على ذلك الرجل الممتاز والمسيحي المتفاني أن يتحمل المصاب المؤلم بفقد زوجته وطفله. ثم أصيب شخصان آخران هناك فماتا كذلك ، وقد كان أحدهما المعلم الذي سبق له أن فقد على هذه الوتيرة من قبل أربعين قريبا من مجموع أربعة وأربعين.
هذا وبوسعنا ان نستمر في سرد حوادث الموت الكاسحة التي عرف بها سير الطاعون في هذه الفترة ونتمادى في ذلك من دون توقف. فقد محيت مئات الأسر عن آخرها ، ولم يبق من كثير من الأسر الأخرى التي كان يبلغ