المنتصر بالله منذ ان كان أميرا وكان منقطعا اليه. وصادف أن رآه المتوكل على الله عند ابنه وسمع كلامه وشعره فاعجب به واستحسنه وجعله من جلسائه. واراد المنتصر بالله من المهلبي ان يلازمه كما كان ، فلم يقدر على ذلك لملازمته مجلس الخليفة ، فعتب عليه. فلما افضت اليه الخلافة استأذنه المهلبي فحجبه أول الامر ، ثم ما لبث ان اذن له. فدخل عليه وسلم ، فامره بالجلوس. ثم التفت المنتصر بالله الى بنان بن عمرو المغني وكان حاضرا ، وقال له غن :
غدرت ولم أغدر وخنت ولم أخن |
|
ورمت بديلا ولم اتبدل |
وهو شعر من نظم المنتصر بالله نفسه. فغناه بنان ، فعلم المهلبي انه اراده بذلك ، فقال : والله ما اخترت خدمة غيرك ولا صرت اليها الا بعد اذنك. فقال المنتصر بالله : صدقت ، انما قلت هذا مازحا ، أتراني اتجاوز حكم الله عزوجل بقوله «وليس عليكم جناح فيما اخطأتم» (١). فاستأذنه المهلبي في الانشاد فاذن له فانشده عدة أبيات منها :
ألا يا قوم قد برح الخفاء |
|
وبان الصبر مني والعزاء |
جفاتي سيد قد كان برا |
|
ولم أذنب فما هذا الجفاء |
حللت بداره وعلمت أني |
|
بدار لا يخيب بها الرجاء |
أمنتصر الخلائف جدت فينا |
|
كما جادت على الارض السماء |
__________________
(٢) سورة الاحزاب ، الاية : ٥