كان لا ينادي على بيع شيء منها أكثر من ثلاثة أصوات ثم يباع ، أما الاسرى فكان ينادي عليهم خمسة خمسة وعشرة عشرة ، وذلك طلبا للسرعة (١).
ويقال ان ملك الروم عند ما هزمته الجيوش العربية قبل فتح عمورية أرسل وفدا الى الخليفة المعتصم بالله يقول له «ان الذين فعلوا بزبطرة ما فعلوا تعدوا أمري ، وأنا أبنيها بمالي ورجالي ، وارد ما أخذ من أهلها واخلي جملة من في بلد الروم من الاسارى ، وابعث اليك بالقوم الذين فعلوا بزبطرة على رقاب البطارقة» (٢). الا ان المعتصم بالله لم يأذن لوفد الروم في المصير اليه واحتجزه حتى تم فتح عمورية فاذن له بالانصراف (٣). ويؤيد خبر الوفد ما ذكره صاحب كتاب رسل الملوك من ان ملك الروم توفيل بن ميخائيل ارسل الى المعتصم بالله اثر موقعة عمورية وفدا يحمل هدايا من ثياب الديباج المذهبة وغيرها ، ومعه كتاب يعتذر فيه عما بدر من جيشه في زبطرة ، ويسأل الخليفة ان ينعم عليه باطلاق سراح البطارقة الذين اسرهم الجيش العربي وعددهم مائة وخمسون بطريقا ، وانه مستعد لافتداء كل واحد منهم بمائة من أسرى المسلمين لديه (٤). ولا يظهر من الخير ما اذا كان الخليفة قد استجاب لالتماس ملك الروم.
يقول المسعودي ان المعتصم بالله أراد المسير الى القسطنطينية والنزول على خليجها ، والحيلة في فتحها برا وبحرا ، فاتاه ما أزعجه وصرف عما عزم عليه ، من أمر العباس بن المأمون وان بعض القواد قد بايعوه ، وانه كاتب طاغية الروم ، فاعجل المعتصم في العودة بعد
__________________
(٢٦) العيون والحدائق ٣ / ٣٩٥ ، والكامل ٦ / ٤٨٨.
(٢٧) تاريخ اليعقوبي ٢ / ٤٧٦.
(٢٨) الطبري ٩ / ٦٩.
(٢٩) رسل الملوك / ٣٤ ـ ٣٥.