الصغير واوتامش (١). وكان ذلك بتدبير من الوزير لتأمين استمرار السلطة بيد قتلة المتوكل على الله. وقد حرص هؤلاء على ان لا يتولى الخلافة احد ابنائه. فاشار احمد بن الخصيب على القواد الثلاثة بان يبايعوا ابا العباس احمد بن محمد بن المعتصم بالله (٢). فلما حضر ليبايعوه ، قال : استعين بالله ، فلقب بعد مبايعته بالمستعين بالله (٣). وقد برروا اختياره بانهم حرصوا على ان لا تخرج الخلافة من ولد مولاهم المعتصم بالله (٤). وكانت تلك هي البيعة الخاصة للمستعين بالله.
ولما حضر المستعين بالله صباح اليوم التالي دار العامة ، وقد لبس زي الخلافة لمبايعته البيعة العامة ، حضر القواد وكثير من بني العباس والطالبيين وغيرهم. ويظهر ان اختيار ابي العباس لقي معارضة من بعض القواد فحرضوا عددا من الجند والفرسان فجاءوا الى الدار ليبدوا معارضتهم وتبعهم كثير من العامة ، فشهروا السلاح ونادوا بمبايعة المعتز بالله ، فشد عليهم المغاربة والاشروسنية الذين بايعوا المستعين بالله ، وتمكنوا بواسطة بغا الصغير وجماعته من الأتراك من القضاء على هذه الحركة التي استمرت ثلاثة ايام ووقع فيها قتلى من الطرفين. وكان الموالون للمستعين بالله قد اخذوا له البيعة ممن حضروا الدار في ذلك اليوم (٥). ويقول
__________________
(٢) الطبري ٩ / ٢٥٦.
(٣) الطبري ٩ / ٢٥٦ ، وتاريخ اليعقوبي ٨ / ٤٩٤ والنبراس / ٨٦ وجاء فيه ان احمد هو ابن محمد المعتصم بالله ، وهو واهم في ذلك.
(٤) تاريخ بغداد ٥ / ٨٤ ، وخلاصة الذهب المسبوك / ٢٢٨.
(٥) الطبري ٩ / ٢٥٦.
(٦) نفس المصدر / ٢٥٧.