«كان سبب خروج
المعتصم ان غلمانه الاتراك كثروا ببغداد فتولعوا بحرم الناس واولادهم ، فاجتمع
اليه جماعة منهم وقالوا : يا امير المؤمنين ما احد احب الينا مجاورة منك لأنك
الامام والمحامي عن الدين ، وقد افرط علينا امر غلمانك ، فاما منعتهم منا واما
نقلتهم عنا. فقال : نقاهم لا يكون الا بنقلي ، ولكني افتقدهم وازيل ما شكوتم منه.
فنظروا فأذا الامر قد عظم وزاد. وخاف ان تقع بينهم حرب. وعاودوه بالشكوى وقالوا :
ان قدرت على نصفتنا والا فتحول عنا. فقال : أتحول وكرامة ، ورحل الى سر من رأى» .
ويذكر مثل هذا
ياقوت الحموى فيقول : «ان جيوش المعتصم كثروا حتى بلغ عدد مماليكه من الاتراك
سبعين الفا ، فمدوا ايديهم الى حرم الناس وسعوا فيها بالفساد. فاجتمع العامة
ووقفوا للمعتصم وقالوا : يا امير المؤمنين ما شيء احب الينا من مجاورتك لأنك
الحامي للدين ، وقد افرط علينا امر غلمانك وعمنا اذاهم ، فاما منعتهم عنا او
نقلتهم عنا. فقال : اما نقلهم فلا يكون الا بنقلي ولكني افتقدهم وانهاهم وازيل ما
شكوتم منه. فنظروا واذا الأمر قد زاد وعظم. وخاف منهم الفتنة ووقوع الحرب. وعاودوه
بالشكوى وقالوا : ان قدرت على نصفتنا والا فتحول عنا ، والا حار بناك بالدعاء
وندعو عليك بالاسحار. فقال : هذه جيوش لا قدرة لي بها ، نعم اتحول وكرامة ، وساق
من فوره حتى نزل سامراء» .
ويقول مثله ابن
الطقطقي ايضا «ان المعتصم استكثر المماليك فضاقت بهم بغداد وتأذى بهم الناس ،
وزاحموهم في دورهم وتعرضوا بالنساء فكان في كل يوم ربما قتل منهم جماعة. فركب
المعتصم يوما فلقيه رجل شيخ فقال للمعتصم : يا ابا اسحاق ، فاراد.
__________________