يقول ابن الأثير ان المعتمد على الله اول الخلفاء انتقل من سر من رأى مذ بنيت ثم لم يعد اليها احد منهم (١).
ويؤيد الخطيب البغدادي تردد المعتمد على الله على بغداد ، اذ يذكر انه كان قد استنزل بوران ارملة المأمون عن قصرها المعروف بالحسنى ، فاستنظرته اياما في تفريغه وتسليمه. ثم رممته وعمرته وفرشته باجل الفرش ، وملأت خزائنه بما يخدم به الخلفاء ، ورتبت فيه من الخدم والجواري ما تدعو الحاجة اليه ، فلما فرغت من ذلك انتقلت منه. فانتقل المعتمد اليه. ولما كانت بوران قد توفيت في اواخر ربيع الأول من سنة ٢٧١ ه ، فان انتقال المعتمد على الله الى القصر كان قبل وفاتها. (٢)
ويشير ياقوت الحموي الى نفس الخبر المذكور فيقول : «فاتاه فرأي ما اعجبه وارضاه واستحسنه واشتهاه ، وصار من احب البقاع اليه ، وكان يتردد فيما بينه وبين سر من رأى فيقيم هناك تارة وهناك تارة اخرى» (٣). وواضح من هذا ان المعتمد على الله لم ينتقل الى بغداد بصورة نهائية.
وقد لاحظ ياقوت ان سامرا «لم تزل كل يوم في صلاح وزيادة وعمارة منذ ايام المعتصم والواثق الى ايام المنتصر بن المتوكل. فلما ولى المستعين وقويت شوكة الأتراك واستبدوا بالملك والتولية والعزل ، وانفسدت دولة بني العباس ، لم تزل سر من رأى في تناقص للاختلاف الواقع في الدولة بسبب العصبية التي كانت بين امراء الاتراك. الى ان كان آخر من انتقل الى بغداد من الخلفاء واقام بها وترك سر من رأى بالكلية المعتضد بالله امير المؤمنين»(٤).
__________________
(٩) الكامل ٧ / ٤٥٥.
(١٠) تاريخ بغداد ١ / ٩٩ ـ ١٠٠.
(١١) معجم البلدان ٢ / ٤.
(١٢) نفس المصدر ٣ / ١٧٦.