فلا زالت الارض معمورة |
|
بعمرك يا خير عمارها |
يتضح من بعض ابيات هذه القصيدة ان بناء القصر الهاروني كان مبتكرا في طرازه فاق ما يعرفه الروم والفرس من طرز البناء. وانه واسع الصحون فسيح الابهاء ، تعلوه قبة تناهز النجوم بارتفاعها ، وقد سبقت الاشارة اليها ، وله شرفات تزين جدرانها زخارف الفسيفساء وفيها صور الازهار ، وصور النساء من النصارى وهن بهيئات مختلفة من عاقصة شعرها ، ومصلحة عقد زنارها. كما يظهر ان المتوكل على الله اضاف الى القصر نافورة ماء ، فأشاد الشاعر بقوة دفعها الماء حتى لترد المطر الساقط من السماء. كما اشاد باهتمام الخليفة بالعمران وانه فاق غيره من الخلفاء في ذلك. وقد اشاد الشاعر نفسه بالبركة التي توسطتها الفوارة المذكورة ، وان المتوكل هو الذي انشأها في هذا القصر ، بقصيدة اخرى منها (١) :
انشأتها بركة مباركة |
|
فبارك الله في عواقبها |
حفت بما تشتهي النفوس لها |
|
وحارت الناس في عجائبها |
لم يخلق الله مثلها وطنا |
|
في مشرق الارض ومغاربها |
كأنها والرياض محدقة |
|
بها عروس تجلى لخاطبها |
من اي اقطارها اتيت |
|
رأيت الحسن حيران في جوانبها |
للموج فيها تلاطم عجب |
|
والجزر والمد في مشاربها |
الوحيد والتل والجامع : انفرد ياقوت الحموي بذكر القصر «الوحيد» وقال ان المتوكل على الله انفق عليه الفي الف درهم. ويظهر من قلة كلفته انه كان دارا صغيرة للاستراحة. و «قصر التل» الذي انفق عليه خمسة الاف الف درهم. وهناك من يرجح
__________________
(١٣٦) ديوان علي بن الجهم / ٣٢.