أماناً من المخاوف ، والأمانة نظاماً للاُمّة ، والطاعة تعظيماً للإمامة ) (١) .
وإذا كان ( الفقه ) كفيلاً بسعادة الإنسان في الدارين ، ومبيّناً لفرائض العباد و وظائفهم ، فقد اختار الله سبحانه أفضل خلائقه ، وأشرف أنبيائه لإبلاغ تلك المهمّة الجسيمة ، فكان النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) في حياته مرجع المسلمين ، في بيان وظائفهم و ما كانوا يحتاجون إليه من أحكام ، كما كان قائدهم في الحكم والسياسة ، ومعلّمهم في المعارف والعقائد .
فقام ( صلّى الله عليه وآله ) بتعليم الفرائض والواجبات والعزائم والمنهيّات ، والسنن والرخص ، وما يتكفّل سعادة الاُمّة ونجاحها في معترك الحياة ، وفوزها ونجاتها في عالم الآخرة .
إكمال الشريعة بتمام أبعادها :
إنّ الشريعة التي جاء بها خير الرسل ، وأفضلهم هي آخر الشرائع التي أنزلها الله سبحانه ، لهداية عباده فهو ـ صلوات الله عليه ـ خاتم الأنبياء ، كما أنّ كتابه وشريعته خاتمة الشرائع ، وآخر الكتب .
قال سبحانه : « مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا » ( الأحزاب ـ ٤٠ ) .
وبما أنّه ( صلّى الله عليه وآله ) خاتم الأنبياء ، وشريعته خاتمة الكتب والشرائع ، يجب أن تكون شريعته ـ حتماً ـ كاملة الجوانب ، جامعة الأطراف لن يفوتها بيان شيء ، وتغني المجتمع البشري عن كلّ تعليم غير سماويّ .
ولأجل ذلك نرى أنّه سبحانه ينصّ على ذلك ويصرّح بأنّه زوّده بشريعة اكتملت جوانبها يوم قال تعالى : « الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا » ( المائدة ـ ٣ ) .
وظاهر قوله : « أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ » أنّه سبحانه أكمل دينه النازل على نبيّه الأكرم ( صلّى الله عليه وآله ) من جميع الجوانب ، وكلّ الجهات .
____________________________
(١) نهج البلاغة قسم الحكم ، الحكمة رقم ٢٥٢ .