وهذه الرواية تدلّ على مدى اختصاص الرجل بزيد ، واتّصاله به وسلوكه مسلكه ، وربّما يستأنس ذلك أيضاً ممّا رواه الكشّي من دخوله على الإمام الصادق عليه السلام ، بعد مقتل زيد وسؤال الإمام منه عن مقتل عمّه ، وإنشاده شعر السيّد الحميرى ، كما تقدّم نقله (١) .
فيمكن أن يستظهر من هذه الروايات وأمثالها كون فضيل زيديّ المذهب ، كما استظهر العلّامة الحلّي والسيّد ابن طاووس زيديّة أخيه عبد الله من رواية عبد الرحمان بن سيابة التي ذكرناها سابقاً ، والتي جاء فيها أنّ الإمام الصادق عليه السلام أمر بتقسيم الأموال على عوائل المصابين مع زيد ، فأصاب عائلة عبد الله أربع دنانير ، قال العلّامة : وهذه الرواية تعطي أنّه كان زيديّاً (٢) ، وقال السيّد : ظاهر الحديث ينطق بأنّ عبد الله بن الزبير كان زيديّاً (٣) .
وناقش الشيخ المامقاني في هذا الاستظهار بقوله : إنّ الذين خرجوا مع زيد ليسوا كلّهم زيديّة بالبديهة (٤) .
أقول : مجرّد الخروج مع زيد ليس دليلاً على الزيديّة كما ذكر ، لكنّ تصريح علماء الفرق والرجال ـ كالأشعري وابن النديم ـ وضمّ الروايات الاُخرى التي تلائم زيديّة الرجل ، حجةّ للإستظهار المذكور ، فهو زيديّ على الأظهر .
وما ذكره الشيخ المامقاني ـ بعد ما نقل عن الشيخ الطوسي ، ذكر الرجل في بابي أصحاب الباقر والصادق عليهما السلام ـ من : أنّ ظاهره كونه إماميّاً (٥) لا وجه له أصلاً ، و ذلك :
أوّلاً : لما عرفت من أنّ الأظهر كونه زيديّ المذهب .
وثانياً : أنّ مجرد ذكر الشيخ الطوسي للراوي في كتاب رجاله لا يدلّ على كونه إماميّاً ، لأنّ الشيخ لم يلتزم في الرجال بذكر من كان إماميّاً ، بل هو بصدد جمع أسماء الرواة عن الأئمّة ، بمجرد عثوره على رواية له عن أحدهم فكتابه في الحقيقة فهرس لأسماء الرواة ، من
____________________________
(١) وانظر رجال الكشّي : رقم ( ٥٠٥ ) .
(٢) رجال العلّامة : ص ٢٣٧ .
(٣) تنقيح المقال : ج ٢ ص ١٨٢ ، رقم ( ٦٨٥٦) نقلاً عن التحرير الطاووسي .
(٤) المصدر السابق ، نفس الموضع .
(٥) تنقيح المقال : ج ٢ ق ٢ ص ١٣ ( ٩٤٩٨ ) .