سليمان صاحب الجيش إلى حلب والشام في عشرين ألف فارس وراجل ، لمحاربة الطولونية والقرامطة ، وفتح مصر. فقدم محمد بن سليمان حلب في أواخر سنة تسعين ، والوالي بها على الحرب عيسى غلام النوشري ، فدخلها محمد في أحسن تعبئة وزي ؛ وأقام بها أياما وطالب عمال الخراج بحمل المال ؛ وقصده رؤساء بني تميم وبني كلاب.
فأمر عيسى والي حلب أن يستخلف على عمله ويشخص معه إلى مصر ؛ فامتثل أمره ، واستخلف على حلب ولده ، وأنفق في جنده ؛ ورحل في آخر شوال معه. فلما وافى معرة النعمان خلع عليه ، وحمله ، وولاه بلده إلى حدود حماة ؛ ولقيهم القرامطة بين تل منّس (١) وكفر طاب (٢) ، في عشرة آلاف فارس ، فنصره الله عليهم ، وانهزموا وقتل الرّجالة ، وأسر أكثر الخيّالة (٣).
وصار محمد بن سليمان إلى مصر ، وافتتحها من يد الطولونية ، عند قتل هارون بن خمارويه ؛ واستولى على أموالها. ثم ضمّ إلى طغج بن جفّ الطولوني أربعة آلاف رجل ، وولاه حلب ، وأخرجه عن مصر.
فلما صار إلى حلب وجد بها ابن الواثقي ، وقد أنفذه السلطان إلى حلب لعرض جيوش الواردين من مصر ، وذلك في سنة اثنتين وتسعين
__________________
(١) تل منس : قرية في سهول ادلب ، تابعة لمنطقة معرة النعمان وتبعد عنها مسافة ٦ كم ، وذلك إلى الشرق منها ، في شمالها الشرقي تل أثري فيه آثار تعود إلى العصور الكلاسيكية وما تلاها. المعجم الجغرافي للقطر العربي السوري.
(٢) تبعد خرائب كفر طاب نحو ٣ كم إلى الغرب من بلدة خان شيخون.
(٣) لمزيد من التفاصيل انظر الجامع في أخبار القرامطة ص ٤٠٨ ـ ٤٢٢.