ورجع ودخل البلد وتسلّم قلعتها ، ونظر في مصالح البلد وقوّاه ، وأزال الظلم والمكوس وعدل فيهم عدلا شاملا وأحسن إليهم إحسانا كاملا.
وكتب لأهل حلب توقيعا باطلاق المظالم والمكوس ، نسخته موجودة ، بعدما كان الحلبيّون منوا به من الظّلم والمصادرة من عبد الكريم والي القلعة ، وعمر الخاص والي البلد ، وتسليطهما الجند والأتراك على مصادرة الناس بحيث أنهم استصفوا أموالهم من الأكابر والصدور وغيرهم في حالة الحصار.
وأما الفرنج فانهم توجّهوا إلى الأثارب ودخلوا أنطاكية.
وشرع النّاس في الزّرع ببلد حلب في الثّاني عشر من شباط وجعلوا يبلّوا الغلّة بالماء ، ويزرعونها فنبتت وتداركت عليها الأمطار فأخصبت ، وجاءت الغلّة من أجود الغلال وأزكاها.
وأطلق البرسقيّ بني منقذ من الاعتقال بقلعة حلب ، ورحل إلى تلّ السّلطان في سنة تسع عشرة وخمسمائة ، في أواخر المحرّم ، وأقام به ثلاثة أيام ، ورحل إلى أن وصل إلى شيزر في سابع صفر ، وتسلّم أولاد الفرنج من ابن منقذ ، وباعهم بثمانين ألف دينار حملت إليه.
وأقام بأرض حماة أياما حتى وصل إليه أتابك طغتكين ، فرحل في عساكره التي لا تحدّ كثرة ، ونزل كفرطاب فسلّمت إليه يوم الجمعة ثالث شهر ربيع الآخر ، وسلّمها إلى صمصام الدين خيرخان بن قراجا ، وكان قد