وأمن الترك وانتشروا في أعمال المعرّة واشتغلوا بالشّرب والنّهب ووقع التّحاسد فيما بينهم ، ووصل رسول من بزاعا من جهة شمس الخواص يستدعيهم لتسليم بزاعا ، ويقول إنّ شمس الخواص مقبوض عليه عند لؤلؤ الخادم ، ولؤلؤ يكشف أخبار العساكر ويطالع بها الفرنج ، ورحل برسق وجامدار صاحب الرّحبة نحو دانيث (١) يطلبون حلب ، فنزل جامدار في بعض الضّياع.
ووصل برسق بالعسكر إلى دانيث بكرة الثلاثاء العشرين من شهر ربيع الآخر ، والفرنج يعرفون أخبارهم ساعة فساعة ، فوصلهم الفرنج ؛ وقصدوا العسكر من ناحية جبل السّماق ، والعسكر على الحال التي ذكرناها من الانتشار والتفرّق ، فلم يكن لهم بالفرنج طاقة ، فانهزموا من دانيث إلى تلّ السّلطان (٢).
واستتر قوم في الضّياع من العسكر فنهبهم الفلّاحون وأطلقوهم ، وغنم أهل الضّياع ممّا طرحوه وقت هزيمتهم ما يفوت الإحصاء ، وأخذ الكفّار من هذا ما يفوت الوصف ، وغنموا من الكراع والسّلاح والخيام والدّوابّ وأصناف الآلات والأمتعة ما لا يحصى ، ولم يقتل مقدّم ولا مذكور.
__________________
(١) دانيث بلد من أعمال حلب بين حلب وكفر طاب. معجم البلدان.
(٢) تل السلطان موضع بينه وبين حلب مرحلة نحو دمشق ، وفيه خان ومنزل للقوافل وهو المعروف بالفنيدق. معجم البلدان. ويبعد تل السلطان عن ادلب ٤٧ كم.