وجرى بحماة خلف ؛ وخافوا من شمس الخواص ، فكاتبوا رضوان ، وسلّموها إليه وسلمية ، فأمنت أعمال حلب وتراجع أهلها إليها وقوي جأش رضوان.
واتّصلت غارات عسكر حلب إلى بلد أنطاكية ، وعرف بيمند ضعفه عن حفظ البلد ، وأنّه لم يفلت من وقعة سكمان إلا في نفر قليل ، وخاف من المسلمين فصار إلى بلاده في البحر يستنجد بمن يخرج بهم إلى البلاد ، واستخلف ابن أخته طنكريد يدبّر أمر أنطاكية والرّها (١).
ومات الملك دقاق سنة سبع وتسعين في رمضان ، وأوصى بالملك لولد له صغير اسمه تتش (٢) ، وجعل التدبير إلى أتابك طغتكين ، فتوجّه الملك رضوان نحو دمشق ، وحاصرها ، وقرّر له الخطبة والسكّة ، فلم تستتب أموره وعاد إلى حلب.
ثم إنّه خرج في شهر رجب في سنة ثمان وتسعين ، وجمع خلقا كثيرا ، وعزم على قصد طرابلس معونة لفخر الملك بن عمّار على الفرنج النّازلين عليه.
وكان الأرمن الذين في حصن أرتاح قد سلّموه إلى الملك رضوان لجور الأفرنج ، فخرج طنكريد من أنطاكية لاستعادة أرتاح ، وخرج جميع من في
__________________
(١) أنطاكية نعم أما الرها فكانت دويلة قائمة بذاتها لها حاكمها.
(٢) انظر ترجمة دقاق منتزعة من تاريخ دمشق لابن عساكر. المدخل ص ٣٨٦.