وفي أيّام قسيم الدّولة جدّد عمارة منارة حلب الموجودة في زماننا هذا ، وجددت في سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة.
وجرى خلف بين لطمين (١) وبين نصر بن عليّ بن منقذ في سنة إحدى وثمانين ، فخرج أقسنقر إلى شيزر ، وقتل من أهلها مائة وثلاثين رجلا ، وعاد إلى حلب بعد أن نهب ربضها ، واستقّرت الموادعة بينه وبين نصر صاحب شيزر.
وكان أقسنقر قد تزوّج خاتون داية السّلطان ملكشاه (٢) وكانت جالسة معه في بعض الأيّام في داره بحلب ، وفي يده سكّين فأومأ بها إليها على سبيل المداعبة والمزاح ، فوقعت في قلبها للقضاء المحتوم غير متعمد لها ؛ فماتت وحزن عليها حزنا شديدا ؛ وتأسّف لفقدها ، وحملها في تابوت لتدفن في مقابر لها بالشّرق ؛ وخرج من حلب لتوديع تابوتها في مستهلّ جمادى الآخرة.
وتسلّم أقسنقر حصن (٣) برزويه ، في شعبان سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة ، من الأرمن ـ وهو آخر ما كان قد بقي في أيدي الكفّار من أعمال أنطاكية ـ وأقام في يده تسعة أشهر ، وهدمه في ربيع الأوّل من سنة ثلاث وثمانين.
__________________
(١) تتبع قرية لطمين ناحية محردة في محافظة حماه وتبعد عن حماه مسافة ٣٦ كم.
(٢) في ترجمة أقسنقر ـ مدخل ص ٢٦٩ : «داية السلطان ادريس بن طغان شاه ، وحظي عند السلطان ملكشاه».
(٣) حصن قرب السواحل الشامية على سن جبل شاهق. معجم البلدان.