وخلع عليه شرف الدولة وأكرمه وطيّب نفسه.
وسار شرف الدّولة إلى حرّان بعد أن أشرف الحصن على الأخذ ، فقاتل حرّان ، ونقب نقوبا في سورها وثلم ثلمتين ، وأقام عليها شهرين ؛ ومضى أبو بكر ابن القاضي ابن جلبة ويحيى بن الشّاطر.
واستنجدا بجماعة من الأتراك فسيّر ابن عمّه ثروان بن وهيب فكسرهم وأسر منهم خلقا عبر بهم على حرّان وسيّرهم إلى بلاده.
وهجم حرّان بالسّيف من الثلمتين وهم يقاتلون ولم تسكن الحرب حتى أعطى لؤلؤ الخادم الأمان ، وأمن أبا بكر ابن القاضي وكان قد عاد إلى البلد ، فحينئذ تفرّق النّاس.
ونهب عسكر شرف الدّولة البلد ، وقطع عليهم ألف دينار ، وقبض على خلق منهم ، وقتل ابن جلبة وولديه وثلاثة وتسعين رجلا صبرا ، وصلبهم ، وصلب ابن جلبة أمامهم ، ولم يف له بعهده ، وذلك كله في سنة ستّ وسبعين (١).
ووصل ابن جهير (٢) وزير القائم ليتسلّم ديار بكر ومعه عسكر من ملك شاه ـ وكان ابن جهير قد وزر مرّة لثمال بن صالح ، ثمّ وزر لابن مروان ، ثمّ للقائم ـ فوصل ابن مروان إلى شرف الدّولة ، واستنجده عليه فأنجده ، فالتقوا
__________________
(١) مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية ص ١٩١ ـ ١٩٢.
(٢) درست حياة فخر الدّولة محمد بن محمد بن جهير ونشاطاته في الجزيرة في كتابي مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية ص ١٩٣ ـ ١٩٦.