حلب القبلية ؛ ونزل العاصي على الجلالي ؛ وجفل أهل الشّام بين يديه ـ وكان قد سمّى نفسه الملك المعظّم ـ فنهب كلّ ما قدر عليه ، وملك رفنية ، وسلّمها إلى أخيه جاولي ، وتردّدت سراياه في جميع الشّام ، وتمادى فساده.
وتردّدت الرّسل بينه وبين نصر بن محمود صاحب حلب ، فلم يستقرّ بينهما أمر ، وعاد إلى دمشق فتسلّمها (١).
واعتمد جاولي مدّة مقامه برفنية إساءة المجاورة ؛ وشنّ الغارات والأذى في الأعمال القبلية من عمل حلب ؛ فجهزّ إليه نصر بن محمود عسكر حلب ومقدّمهم أحمد شاه التّركي ، وذكر أنه شيبانيّ فسار إليه ، والتقوا بأرض حماة ، فكسره جاولي وغنم عسكره.
وعاد أحمد شاه ونزل مذكين (٢) وجمع إليه من سلم من عسكره ، فلما اجتمعوا عوّلوا على العوة إلى حلب ، فقال لهم أحمد شاه : «ما بقي لنا وجه إلى حلب بعد هذه الكسرة ، فإن راجعتم الحرب وأظفرنا الله بهم كان الأمر لنا بحكم الظّفر ، وإن أبيتم فأنا أسير إلى الفرات وأستدعي أهلي ، فما لي وجه ألقى به نصر بن محمود ؛ وإنما أعطى ومنح وأكرم لمثل هذا الموقف».
فأجمعوا أمرهم على معاودة الحرب فأسرى من موضعه إلى عسكر جاولي ، وكبسه ، فاستثأر منهم ؛ ونهب عسكره ، وأسر منهم ما يزيد عن ثلاثمائة
__________________
(١) مر سقوط دمشق لأتسز بن أوق بعدة مراحل ، وقد آذى المدينة كثيرا وأنهكها. انظر مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية ص ١٥٧ ـ ١٦٥.
(٢) لم أقف لهذا الموقع على ذكر في المصادر المتوفرة ، ويبدو أنه في أحواز رفنية.