وبقي في خمسة عشر ألف فارس من نخبة عسكره مع كل واحد فرسه وجنيبه ؛ والرّوم في زهاء ثلاثمائة ألف أو يزيدون ما بين فارس وراجل ، من جموع مختلفة من الرّوم ، والرّوس ، والخزر ، واللان ، والغزّ ، والقفجق ، والكرج والأبخاز ، والفرنج ، والأرمن. وفيهم خمسة آلاف جرخي (١) ؛ وفيهم ثلاثون ألف مقّدم ما بين دوقس ، وقومص ، وبطريق.
فرأى السّلطان أنّ الإمهال للحشد والجمع مضرّ ؛ فركب في نخبته وقال : أنا أحتسب نفسي عند الله ؛ وهي إمّا السعادة بالشهادة ، وإمّا النصر (وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ)(٢). ثم سار مرتّبا جيشه قاصدا جموع الرّوم.
وكان ملك الرّوم قد قدم مقدّما في عشرين ألف مدرع من شجعان عسكره ، ومعه صليبهم الأعظم ؛ فوصل إلى خلاط ، فنهب وسبى ، فخرج إليه عسكر خلاط ، ومعه صندق التركي الخارج إلى بلد حلب ، في سنة اثنتين وستّين ـ على ما قدّمنا ذكره ـ فكسره صندق ؛ وأسره ، وصادف ذلك وصول السّلطان ، فأمر بجدع أنفه.
وعجّل إنفاذ الصّلب الذي كان في صحبته إلى نظام الملك ، وأمره بتعجيل إنفاذه إلى «دار السّلام» مبشّرا بالفتح ؛ وتلاحق عسكر الرّوم ، فنزلوا علي خلاط محاصرين لها ؛ ونزل الملك على منازكرد فسلّموها إليه بالأمان خوفا
__________________
(١) الجرخ آلة عليها قوس ثقيل يرمي السهام أو النفط.
(٢) سورة الحج ـ الآية : ٤٠.