وأخسر من تلقاه في النّاس صفقة |
|
فتى عند مجد لا يريش ولا يبري |
فلا تحتقر ذنبا جنيت على الوفا |
|
ولا تعتذر منه فما لك من عذر |
فقال منيع بن مقلّد وأبو العلوان ثمال لّما وصلت هذه القصيدة : «من أين لمحمود هذه الفصاحة؟ ومن له بالشّعر؟». فقيل : «إن هذا شعر أبي العلاء بن سمان النّصراني». فقال منيع بن المقلّد : «لقد ألبسني هذا النّصراني من العار طوقا لا يبلى ، ولئن عشت لأقابلنّه بما يكون له أهلا».
وتردّدت الرّسل بين ثمال ومحمود ، في تسليم حلب ، وتوّسط بينهما مشايخ العشيرة ، وقالوا : هذا بمنزلة والدك ، فتأخذ من الأعمال ماشئت.
فأجابهم محمود : بأنّ هذا صحيح ، ولكنه ضيّع مملكتنا وإرثنا ، وقد استعدتها بسيفي ، وبذلت فيها مهجتي. فاعترف له معزّ الدولة بذلك ؛ وضمن له معيشة بخمسين ألف دينار ، وثلاثين ألف مكوك غلّة. وشهد مشايخ العشيرة بها.
وعاد محمود إلى حلب في آخر ربيع الأوّل وقد استقرّ الصلح بينهما يوم الأربعاء الرابع والعشرين من شهر ربيع الأول من سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة. وفتحت أبواب البلد عند دخوله ؛ ثم خرج إلى عمه (١) إلى المخيم ، واستركبه يوم الاثنين مستهل ربيع الآخر من سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة ، وداخله القلعة ، وسلّمها إليه ، وسار محمود ليحضر أهله من الحلّة.
__________________
(١) بالأصل «عمله» وهو تصحيف واضح.