وقنع الدّزبري بذاك ؛ وأفرج له عن نزوله وخروجه فسلّم مقلّد القلعة وصعد إليها أمير الجيوش ، يوم الثلاثاء لثمان بقين وقيل لسبع بقين من شهر رمضان.
وأقام مقلّد يوما واحدا بعد نزوله من القلعة ؛ وهرب بما معه من الأموال خوفا من غدر الدّزبري به ؛ ولحق بحلّته وبثمال بن صالح بالجزيرة ؛ ونادى الدّزبري في مدينة حلب بأن يخرج منها جميع الجند والحواشي الذين كانوا يخدمون ابن صالح.
واجتمع النّاس من سائر البلدان ليهنئوه بالفتح ؛ وجلس للهناء في القصر بباب الجنان ؛ وعيّد عيد الفطر بحلب ؛ فذكر أنّه لم ير بحلب عيد أحسن منه ، لكثرة ما أظهر فيه من العدّة والآلة ؛ وأحسن إلى أهل حلب ؛ وأمر بردّ ما كان صالح اغتصبه من أملاك الحلبيّين ؛ وتزوج بنت منصور بن زغيب. وولّى بقلعة حلب مملوكين له : أحدهما يقال له فاتك ، والآخر سبكتكين ؛ وولّى بالمدينة غلامه رضيّ الدّولة بنجوتكين.
ثمّ قصد بالس ومنبج ؛ فأخذهما. ورام أخذ الرّحبة فلم يقدر عليها.
وأقام بحلب إلى أن عيّد عيد الأضحى ، وسار إلى دمشق. ومدحه ابن حيّوس بقصيدة يذكر فيها قتل نصر ، يقول فيها :
ولمّا طغى «نصر» أتحت له الرّدى |
|
ولم ينجه الجمع الكثير ولا الحشد (١) |
وبأخرى يذكر فيها فيها فتح حلب ، أوّلها :
__________________
(١) ديوان ابن حيوس ـ ط. دمشق ١٩٥١ ج ١ ص ١٧٣.