وقيل : إنّ أهل حلب قاتلوا من وراء السور ، فقتل جماعة من الروم بالحجارة والمقالع ؛ وسقطت ثلمة من السور على قوم من أهل حلب فقتلتهم.
وطمع الروم فيها فأكبوا عليها ، ودفعهم الحلبيون عنها ؛ فلما جهنّم الليل اجتمع عليها المسلمون ، فبنوها ، فأصبحوا وقد فرغت ، فعلوا عليها وكبّروا ؛ فبعد الروم عن المدينة إلى جبل جوشن (١).
فمضى رجّالة الشرط وعوام الناس إلى منازل الناس ، وخانات التجار ، لينهبوها. فاشتغل شيوخ البلد عن حفظ السور ، ولحقوا منازلهم. فرأى الروم السور خاليا فتجاسروا ، ونصبوا السلالم على السور ، وهدموا بعض الأبدان ، ودخلوا المدينة من جهة برج الغنم ، ليلة الثلاثاء لثمان بقين من ذي القعدة من سنة إحدى وخمسين. وقيل : يوم الثلاثاء آخر ذي القعدة ، في السحر.
وأخذ الدمستق منها خلقا من النساء والأطفال ؛ وقتل معظم الرجال ، ولم يسلم منه إلا من اعتصم بالقلعة من العلويين ، والهاشميين والكتّاب ، وأرباب الأموال. ولم يكن على القلعة يومئذ سور عامر فإنها كانت.
قد تهدّمت ، وبقي رسومها. فجعل المسلمون الأكف (٢) والبراذع بين أيديهم.
وكانت بها جماعة من الديلم الذين ينسب إليهم درب الدّيلم (٣)
__________________
(١) جبل جوشن في ظاهر حلب غربيها.
(٢) جمع أكاف ، أي البراذع.
(٣) على مقربة من باب الجامع الشرقي. الأعلاق الخطيرة ج ١ ، ق ١ ، ص ٣٤٤.