وبعد ثلاث ساعات ونصف بلغنا النواباب ، وهى قرية خربة تواجه سيالة الواقعة على البر الشرقى. وشاطىء النيل فى هذه البقعة شقة شديدة الضيق ، والتلال الغربية واطئة رملية. وبعد خمس ساعات ونصف رأينا على التلال أطلال عدة كنائس إغريقية. وبعد سبع ساعات بلغنا المحرقة الواقعة على البرين. وتقوم على التل الصخرى المشرف على النهر مدينة صغيرة خربة بنيت بيوتها بالحجر الصغير وباللبن ، وهى أبنية عربية. وبلغنا الطرف الشمالى لوادى المحرقة بعد ثمانى ساعات ونصف ، وانبسط السهل انبساطا ملحوظا ، فهو فى هذه البقعة أعرض منه فى أى بقعة شمالى الدر ، وإن اقتصرت الزراعة اليوم على أجزائه الملاصقة للنهر. وقد رأيت هنا أطلال معبد يتألف من رواق به أربعة عشر عمودا ضخما ذات تيجان تنوعت حجما وشكلا بتنوع الذوق فى العمارة المصرية القديمة. ويحيط بالأعمدة سور يرتبط بالدعائم المرتكزة على الأعمدة فيؤلف بذلك بهوا مسقوفا. وقد سقط الجدار القبلى بفعل هزة فجائية عنيفة فيما يبدو ، لأن الأحجار ملقاة على الأرض مداميك كما رصت على الجدار وقت بنائه ، مما يدل على أنها انهارت فجأة. ورأيت نقوشا هيرغليفية على أحجار متناثرة. ويصل الأعمدة فى الجانب القبلى ـ فيما عدا عمودى الوسط ـ حائط منخفض لا يعدو ارتفاعه نصف ارتفاع الأعمدة ، وهذا يشبه ما تراه فى أعمدة معبد أوزيريس الصقرى الرأس
فى فيلة. وللمعبد مدخل كبير ومدخلان صغيران ودرجات ترقى بك إلى القمة. وعلى الجدران كثير من رسوم القديسين الإغريق ، ولكنك لا ترى عليها آثارا لنقوش هيرغليفية أو لرسوم كائنة ما كانت ، بل ولا قرص الشمس الذى لا يخلو منه معبد مصرى. وكذلك عطلت الأعمدة من النقوش. وقد بلغ بناء الجدران غاية الإتقان ، وعليها الكثير من النصوص الإغريقية المكتوبة بالمداد الأحمر ولكنى لم أتبين منها سوى النص التالى :