العشر ، ويصنع النوبيون منه الصوفان كما يصنعه البدو فى بلاد العرب. وبعد ثلاث ساعات مررنا فى السهل الرملى بعدد من الكيمان المختلفة الأحجام تغطيها الرمال ، وقد أحصيت منها قرابة خمسة وعشرين فى نطاق ميل ونصف. وانتظام شكلها الذى يماثل تماما شكل الكيمان الموجودة فى صحارى الشام وسهل تروادة يكاد يقطع بأنها من صنع الإنسان (١). وبعد ثلاث ساعات ونصف بلغنا قرية تسمى قسطل ، وبعد أربع ساعات بلغنا قرية كبرى هى أدندان. وفى الطريق دعتنا أسرة من أقارب الأمراء النوبيين لتناول الطعام فى مأتم رب الأسرة ، وكان قد توفى منذ أيام فى الدر ، فلما سمع ذووه بالخبر نحروا بقرة ووزعو لحمها على الجيران. وعلى مسيرة ساعتين من القرية لقيت نسوة يحملن على رءوسهن أطباقا حملن فيها نصيبهن من هذا اللحم. ولا ينحر البقر إلا وجوه القوم إذا مات قريب لهم ، أما عامة الناس فيقنعون بذبح شاة أو عنزة يوزعون لحمها بالقسطاس ، وأما الفقراء فلا يوزعون غير الخبز على قبر الميت. وعلى مسيرة أربع ساعات وثلاثة أرباع الساعة مسجد قديم متهدم يقوم على التل فى الطرف الجنوبى لوادى أدندان ، تجاة قرية فرس ، على الضفة الغربية للنيل. وبعد خمس ساعات ونصف مررنا بجزيرة فرس الجميلة. والأرض هنا مكشوفة ، ولكن السهل على الضفتين تكسوه الرمال. وعلى
__________________
(*) أثبتت حفائر مصلحة الآثار المصرية التى بدأتها عام ١٩٣١ صحة رأى بوركهارت الذى كان أول من فطن إلى أن هذه الكيمان اليست طبيعية ، ولكن هذه الظاهرة ظلت طويلا برغم هذا لا تثير اهتمام المشتغلين بالحفر والتنقيب. والكيمان التى أحصى منها بوركهارت خمسة وعشرين هى جبانة قسطل التى اشتهرت بكيمان جحا ، ومثلها جبانات كلابشة وإبريم وبلانة وأدندان وجماى وفركة وصاى وواو. ومقابرها الكومية لملوك البلميس Blemyes وأشرافهم ، وكانوا يحكمون أكثر النوبة العليا والسفلى فيما بين القرنين الثالث والسادس الميلاديين. وحضارتهم تالية للحضارة المروية ، وكانوا وثنيين يعبدون آلهة مروى ومصر. وقد اشتبكوا فى حروب مع حكام مصر من الرومان على حدود إلفنتين. وفى منتصف القرن السادس قضى عليهم (سلكو) ملك النوباتاى المسيحى ، فهدم بهذا آخر معقل للوثنية فى النوبة ، وسجل نصره باليونانية على معبد كلابشة (أنظر تقرير مصلحة الآنار المصرية).
) Royal Tombs of Ballana and Qustul. (المترجم)