أن الرياح في صبيحة اليوم الثاني كانت باردة مما أجبرنا على حمل أمتعتنا وتوجهنا شمالا نحو منطقة «كروان» التي تغطيها السهوب والسهول المتقاطعة مع جداول المياه المغطاة بالأعشاب والشجيرات الصغيرة ، والتي انتشرت أعشاب الزعتر حولها مما أكسب الجو رائحة طيبة.
التحرك ناحية كروان (١) :
وفي (كاشي) (٢) حصلنا على مرشد مرافق ، ولكنه لسوء الحظ كان رجلا كبيرا في السن ، ذو لحية وهرقلي الأكتاف ، وكان له ثلاثة حمير يمتطيها واحدا يلو الآخر ، وكان شخصا طيبا ولكنه لا يعرف شيئا عن خط سيرنا. عبرنا وادي (كاشي) الصغير وظهرت أمامنا سلسلة من البرك الموحلة ، فسرنا بمحاذاة منطقة كبيرة منخفضة ، فيها حجارة ملحية مغطاة بطبقة من الحجارة الرملية. بعدها تركنا هذه المنطقة على الجهة اليمنى ومررنا على شواطئ حصوية على امتداد (٤ إلى ٥) أميال ، وفي الظهيرة وصلنا إلى (ناليج) حيث توجد بعض المرتفعات تسمى (الشور) وتقع على حافة حزام من أشجار الغابات ، وهنا كنا قد دخلنا إلى منطقة (كروان).
سوف أذكر في حديثي في مرات لا حقة هذه التلال المتكونة من الطمي والطين وسأقوم بوصفها بإيجاز. يسميها السكان المحليون (شور) وهي
__________________
(١) هي مجموعة من البلدان أو تجمع من المناطق الزراعية تبعد حوالي ١٥ كم من البحر على ضفة نهر أو وادي «ريج» ، وأهم هذه البلدان كنجاك ، تماو ، هيان ، كاركندر ، تمبلان .. وهي تتبع لإدارة (الشيرانيين) في (بنت) ، ولهم قصة مشهورة مع القوات البريطانية في حادثة مقتل جريفز الذي قتل على أيدي قبائل هذه المنطقة ـ مما أدى إلى تحرك القوات الإنجليزية ومعها (بيرسوبوليس) البارجة الفارسية لهذه المنطقة وذلك سنة ١٨٨٩.
(٢) كاشي : هي بلدة تقع في بداية الطريق إلى (بنت) ولكن لا يستخدمها الأهالي وإنما يذهبون إلى (كروان) ثم ينطلقون منها إلى (بنت).