أيضا رأينا أن تكون رحلة صيدنا قصيرة بقدر الإمكان ، وغادرنا نحو جبال (غوراني) التي تقع على بعد ٨ أميال من المخيّم. وزاد اضطرابنا عند ما فوجئنا بحوالي ٧٠٠ ناقة تجري بقوة وأصبح جملي في وسطها يركض بكل قوته ، وكان الوادي مليئا بالبعوض مما جعل (تيس الجبل) الذي كنا نتعقّبه لنصطاده يترك المنطقة ويهرب ليرعى على مشارف التلال المحيطة. بعد ثلاث ساعات وجدنا مجموعة أخرى من قطعان (تيس الجبل) على حافة الشجيرات المحيطة ، وحاولت التصويب عليها ولكنني وجدت مجموعة أخرى مؤلفة من خمسة وعول تبيّن أننا قد رأيناها من قبل ، فصوبت عليها لأخطئ في البداية ، وبعدها أصبت وعلا ذكرا ذا قرن بطول ٦ بوصات ، بدت فرحة الانتصار لدى «راهي» عظيمة وهو ينظر إلى «جلال» الذي ما فتيء ساخرا من الصيادين المبتدئين أمثال «راهي» ، ولكن عند ما اصطدنا هذا الوعل ، سكت ولم ينبس ببنت شفة.
وعند غروب الشمس رجعنا ثانية إلى المعسكر الذي أبلغت الرجال أن ينقلوه إلى (سذيج) (١) وجعلت شابا يدعى «غلام شاه» مسئولا عن المعسكر وعن الأواني ، والدقيق ، وصفيحة الزيت والكاكاو والحليب. وبعد أن شربنا الكاكاو بدأنا نتناقش حول إمكانية بقائنا إلى الغد ، وبدا القمر مكتملا في تلك الليلة ، فقررنا التحرك. كان «غلام شاه» يملك جملا لاستعماله الشخصي مع حقيبة السرج ، كذلك كان ل «جلال» حماره ولي أيضا جملي. وهكذا قمنا بعبور النهر ، الذي كان عرضه ٦٠ ياردة وكان موحلا ، وبعدها مشينا بإجهاد عبر التلال الرملية ، وودّعنا «راهي» هناك.
__________________
(١) سذيج أو سديج : بلدة تقع على وادي أو نهر سذيج ، أهلها من قبائل البلوش والشيه وأبناء (سمّا) و «نودبنده» وبين (غابريج) و (سذيج) تقع عدة بلدات منها (كروج) و (تنك ليري) ، ومجموعة أخرى تقطنها قبائل الهوت المتحالفة مع أمراء آل دغار وآل محمد .. وقد خاضوا أغلب المعارك القبلية والخارجية معهم خاصة مع الأمير «عبد النبي» والأمير «بركت» ، وفي زمن ثورة «ميرزا بن بركت».