والماء ، ويجب ألا أنسى أيضا «توبي» كلبي الوفي الصغير ذو الأنف الأسود الذي كان مسافرا على ظهر جمل الطباخ ، وأثناء الليل يحوم حول سريري لأكون تحت حمايته الخاصة.
وبعد ثلاث ساعات عمل في تحميل الأمتعة كان اتجاهنا إلى (بنت) ، ولما كان العيد واحتفال الأضحى يصادفان في مساء هذا اليوم فقد جعلتهم يسيرون ستة أميال فقط على أمل أن نصل مساء إلى (جغين) (١) وهي تبعد حوالي ٢٧ ميلا من هنا أي من (جاسك).
وهنا عليّ أن أذكر بأن (البلوش) معلوماتهم سطحية عن عقائدهم لمعرفة ما إذا كان هناك عيد ، ومن يعرف هذه المناسبة يسارع في شراء ملابس جديدة ، والقلة التي قابلتنا في اليوم التالي لم يتمكن أحد منهم من اخباري عن أي عيد هذا ، وربما كانوا مسرورين لأنني قلت لهم ربما يكون هذا عيد الأضحى ، ولما قررنا أنا و «صالح» بدء رحلتنا في صباح اليوم التالي استيقظت مبكرا بعد حالة اكتئاب لأرى ما يقدمونه في الكرم السخي من مجموعة فرسان (جاسك) وهم فيلق من الفرسان مسلحون برماح مصقولة ويمتطون الحمير ـ في مهمة لتطهير البلدان المجاورة من الكلاب الضالة ، وكان خلال الليل قد سقط ـ مطرا كثيفا ـ كإنذار لنا بأننا لن نلاقي طقسا معتدلا دائما.
الصباح كان جميلا ، فامتطينا جمالنا وسرنا ببطء إلى (جغين) عبر صحراء مقفرة ـ في رتابة لم نشاهد خلالها إلا أشجار النخيل والقمح في
__________________
(١) جغين : هي منبع وأساس استقرار القبائل العربية في ساحل «مكران». راجع كتاب الرحالة «تكسييرا» عن القبائل العربية في جغين ـ وخاصة القحطانيين من عمان واليمن ـ ودورهم في الصراع بمملكة هرمز ، كذلك استقر بها لفترة قبائل الرند بقيادة الأمير «شاكر» ولهم قلعة بها قبل مغادرتهم إلى (سيوي).