وابن الحامدي ، وعلي الولوالجي وغيرهم من مشاهير العلماء والأئمة.
وكانت له الحشمة البالغة والأمر المطاع في أيّامه.
ومن المنتابين اليه الاستاذ أبو المظفر محمد بن أدم بن كمال الهروي فريع عصره وبارع وقته ، لقوّة فضله في العربيّة وحسن إيراده.
وممّا خصّه الله ـ تعالى ـ به حسن العبادة وطول القنوت والخشوع التام في الصلاة ، والمداومة على قيام الليل وصحبة الصالحين ، والمبالغة في الورع الصادق ، حتّى كان الله يخلصه ببركته ممّا كان ينسب إليه ويرمى به.
ومن جملة ذلك ما شبّ به المعاندون وسعى فيه المخلّطون من نسبته إلى الاعتزال واعتقاده مذهب القدر ، وكانت النوبة في الدولة لأصحاب أبي عبد الله فورد الأمر [٣٣ أ] من الحضرة إلى علماء العصر بعقد مجمع ومشهد يحضره الفرق ثمّ يدعى على القاضي الامام ، ويشنّع عليه ويستتاب منه ، فاجتمعت الأئمة ، وتكلّموا فيه على رأس الملأ ، وصرف الله بمنّه كيد الكائدين وظهرت براءة ساحته ، وأثنى عليه الأئمة مثل الامام أبي اسحاق الاسفرايني وأقرانه ، ولم يثبت عليه ما رمي به ، وارتضت الأئمة ما أثبته من أشعاره ولذلك قطعة مشهورة مدوّنة نستغني عن ذكرها لشهرتها وبقي عزيزا مرجوعا إلى قوله في الوقائع ، مبارك النفس والعلم ، مواظبا على الاعمال الصالحة.
وحدّثني من أثق به عن ابنه ـ وكان من تلامذته ـ أن القاضي الامام كان يدرّس يوما ، فدخل رجل وقال : رأيت في المنام كأنّ على أهل المقابر عجله احسره أخرجوا رؤوسهم من قبورهم ، ففزعت لذلك فقلت لهم : لعلّ القيامة قد قامت؟ فقالوا : لا ، نحن ننتظر عبور القاضي صاعد بنا ، فانه إذا مرّ بنا دعا لنا. وكانت عادته إذا مرّ بالمقبرة يقف ويدعو للموتى وكان ـ رحمهالله ـ بعد ذلك يزيد في الدعاء ، ويقف سويعة ثم يروح.
وأنشدني الأديب علي بن أحمد الفنجكردي لنفسه فيما جمعه من مناقب الصاعدية :
إمام الدّين صاعدنا المعلى |
|
براه الله للاسلام صدرا |
لأمّة أحمد أضحى سراجا |
|
وفي علم الشريعة كان بحرا |
أئمة عصره كانوا نجوما |
|
هداة راشدين وكان بدرا |
وقد سمع الحديث من مشايخ الطبقة الثانية بعد الأصم وأقرانه مثل أبي عمرو ابن نجيد ، وبشر