امرا عاجلا من
هناك ، وطلب مني تحرير رسائل الى الاباء الكبوشيين في بغداد ليساعدوه على حل المعضلة.
تبعد بغداد عن تلك
البليدة نحو ثلاثة ايام ، ولا بد من يوم اخر من اجل المراجعات الرسمية ، اضافة الى
ثلاثة ايام اخرى من اجل ارسال الامر الينا ، وهذا يعني ان نمكث هنا اسبوعا ،
فبقينا مع الترجمان ، وهو رجل مسيحي مسكين ، كان صابئيا فتنصر ، كما بقيت الخيول والاحمال
معنا ونحن في اسطبل قذر ، تحت رحمة اناس كانوا ينظرون الينا نظرة شذراء ، ويداهمنا
من جهة اخرى خطر الهجوم علينا ، لان اعراب البادية يمرون بتلك القرية بصورة
دائمية.
اردت ابقاء
العسكري معي ، ودفع ما تبقى عندي من دراهم ، فرفضوا ، ثم طلبت السفر بنفسي الى بغداد
لاسرع في التوسط والحصول على الحل الضروري لمشكلتنا ، لكن الرجال حجزوني مع الاباء
الاخرين ووضعوا اليد على الاغراض ، لذلك كتبت رقعة الى الاباء الكبوشيين وسلمتها
الى العسكري ، فامتطى حصانه وسار برفقة رجال مسلحين ، اما نحن فبقينا في ألم لا
ضفاف له ، اذ نرى الحاضرين يضحكون علينا ويستهزئون بنا ، وزاد من حزننا أننا لم
نحصل على طعام.
كان من جملة
المسافرين على ظهر السفينة ، رجل يهودي من حلب ، كان قادما من الهند الى البصرة ،
وكان الرجل عاقلا ومهذبا للغاية ، ويظهر انه من رجال حلب المرموقين ، وكنت قد سمعت
ان الافرنج يلاقون صعوبات من قبل اليهود عند مرورهم بحلب ، لذا حاولت كسب عطفه
والتودد اليه لعله يفيدني في سفري. وعلى اثر هذا التقارب اخذ يكلمني عن اعماله ،
فاخبرني ان له اعمالا واسعة في البصرة ولذلك فانه سيمكث فيها فترة من الزمن ، وطلب
مني ان احمل الى بعض ذوي قرابته رزمة فيها الماس ثمين ، وزودني برسائل الى جماعته
في حلب فيها توصيات بحقي ، لقد كان حمل تلك الرزمة خطرا كبيرا ، فامتنعت من
استلامها ، لكن الح علي ، خاصة بعد ان سبقني بالفضل وكتب رسائل التوصية ، ثم قيل
لي انه لا خطر علي طالما اسافر في حماية قادر