روى عنه مسلم بن الحجاج القشيري وأبو عيسى الترمذي والحسين بن محمد بن نوح بن سفيان السلمي السمرقندي ، وذكره البخاري في تاريخه ، وروى عنه.
مات فجر يوم الأحد العشرين من شهر رمضان سنة تسع وأربعين ومائتين. حكي عنه أنه قال : كنت ألقط قشر البطيخ وآكله في طلب الحديث ، يفتخر به أهل كسّ على سائر بلاد ما وراء النهر وحقّ لهم ذلك ، وكانت الرحلة إليه من الآفاق في زمانه ، وروى عنه أهل سمرقند وبخارى ونسف منهم : شريح بن شرغة ومحمود بن عنبر.
ودخل عبد على يحيى بن عبد الغفّار الكسي وهو مريض يعوده فبكى وقال : لا أبقاني الله تعالى يا أبا زكريا بعدك ، فمات يحيى بن عبد الغفّار ، ومات عبد من اليوم الثاني ، ولم يكن مريضا فرفعت جنازتاهما في يوم واحد. قال محمد بن عبد بن حميد : قال قتيبة بن سعيد : إذا دخلتم الترمذ فعليكم بأحمد بن [١٠٣ أ] الحسن ، وإذا دخلتم كسّ فعليكم بعبد بن حميد ، وإذا دخلتم سمرقند فعليكم بعبد الله بن عبد الرحمن ، وإذا دخلتم الشاش فعليكم بعبد الله بن أبي عرابة.
وقال محمد بن عبد بن حميد : أصلنا من غزنيا من قرى كسّ ، وكان جدي حميد بن نصر ولد ببغداد ؛ لأن نصرا أباه كان من المقيمين على باب الخليفة أيام أبي جعفر المنصور ، ولما طال مقامه ببغداد حول عياله إلى بغداد فولد حميد بها ونشأ ثمّة ، فكان يقرأ جدي من أفصح الناس بكل شيء في العربية والعروض والشعر ، كان أديبا مقرئا فكان يقرأ القرآن قراءة جيدة ، وكان يقرئ الناس وكان يختم القرآن بالليل مرة وبالنهار مرة ، وكان يصوم الدهر نحوا من ثلاثين سنة ما رأيته أفطر إلا يومي العيد وأيام التشريق ، وما رأيته ينام قط لا بالليل ولا بالنهار ، فإذا غلبته عيناه لم يضع جنبه ، ونعس جالسا ساعة ولا يخرج (١) إلا للحاجة والوضوء ، وكان لا يبرح من المسجد ، وكان من أزهد الناس ، وكان له أربع بنين والدي وأبو مسلم وأبو عبد الله وآخر ، وكان هذا الرابع يتهم بالرفض فمات فدخل المسجد وصلى أربع ركعات شكرا لله تعالى ، وكان جدي قد أصيبت إحدى عينيه في الجدري والأخرى بإصابة خشيبة في كرم له بنوقد.
قال : أخبرنا الشيخ أبو علي الحسن بن عبد الملك النسفي رحمهالله قال : أخبرنا الإمام أبو العباس جعفر بن محمد بن المعتز قال : أخبرنا أبو عمرو بكر بن محمد بن جعفر قال : أخبرنا محمود بن
__________________
(١) في الأصل : ولا يدخل.