ثم يخرج إلى دابق. ويمر بمدينة حلب. وتمده عيون قبل وصوله إليها. وكذلك بعد أن يتجاوزها. وتمده العين المباركة وتدور به الأرحى. وأول هذه الأرحا قرية «مالد (١)» من شمالي حلب. ويسقى في طريقه مواضع كثيرة حتى ينتهي إلى قنسرين. ثم يمر إلى المطخ فيفيض في الأجم.
وحكى جماعة أن نهر قويق يفيض في المطخ ، ويخرج إلى بحيرة أفاميا. وبعض الناس يقول أن سمك البحرة يحيض فيحمر ماؤها ، فاستدلوا بذلك على ما ذكروه والمسافة بين مفيضه وأفامية مقدار أربعة عشر ميلا (٢). وقال أبو زيد البلخي (٣) في تاريخه : ويخرج نهر حلب من حدود دابق دون حلب بثمانية عشر ميلا ، ويغيض في أجمة أسفل حلب. وقال ابن حوقل النصيي (٤) فيما وقفت عليه فيه : ولها ـ يعني حلب ـ واد يعرف بأبي الحسن قويق ، وشرب أهلها منه. وفيه قليل طفس.
وذكر الحسن بن أحمد المهلبي (٥) في كتاب : «المسالك والممالك (٦)» الذي صنعه للعزيز الفاطمي لما ذكر حلب قال : وشرب أهلها من نهر على باب المدينة يعرف بقويق ،
__________________
(١) هناك قرية تعرف «بتل مالد» في الوقت الحاضر وتبعد عن تل رفعت ١٥ كم وعن عزاز ٢٥ كم. علّها المقصودة. (التقسيمات الإدارية : ١٨٥)
(٢) (الأعلاق الخطيرة : ١ / ١ / ٣٢٨).
(٣) أبو زيد البلخي أحمد بن سهل. من علماء المسلمين. نبغ في الجغرافيا مولده في بلخ عام ٢٣٥ ه. عمل كاتبا لحاكمها. قام برحلات عديدة. وكان يكتب عم يشاهد. توفي ببلخ عام ٣٢٢ ه. (الأعلام : ١ / ١٣٤).
(٤) ابن حوقل : محمد بن حوقل البغدادي ثم الموصلي. يكنى بأبي القاسم (الاعلام ٦ / ١١١). نبغ في علم الجغرافيا. له كتاب شهير (صورة الأرض). توفي عام (٣٦٧ ه).
(٥) الحسن بن أحمد المهلبي : في (كشف الظنون ٢ / ١٦٦٥) الحسين بن أحمد المهلبي.
(٦) الكتاب معروف ومشهور وأخذ العديد منه. منهم أبو الفداء (صاحب حماة). في كتابه تقويم البلدان وسماه (العزيزي) كغيره نسبة إلى الخليفة العزيز (٣٦٥ ـ ٣٨٦) حيث صنفه للعزيز.