وقال ابن الظاهري : ابن شداد هو جدّ بها [ء] الدين لأمه فنسب إليه. وقال ابن خلكان (١) : كان أولا يكنى بأبي العز فغيرها بأبي المحاسن. وقال كان يسلك طريق البغاددة في أوضاعهم. ويلبس زيهم. والرؤسا [ء] ينزلون عن دوابهم إليه. ثم صار إلى مصر لإحضار ابنة الكامل لزوجها العزيز فقتل. وقد استقل العزيز بنفسه. ورفعوا عنه الحجر ، ونزل طغربك إلى البلد. واستولى على العزيز جماعة شباب يعاشرونه. فاستقل بهم ، ولم يزل القاضي وجها يرتضيه ، فلازم داره ، إلى أن مات وهو باق على القضاء. ولم يبق له حديث في الدولة. فصار يفتح بابه لاسماع الحديث كل يوم. وظهر عليه الخرف بحيث أنه صار إذا جا [ء] ه إنسان لا يعرفه ، وإذا عاد عليه لا يعرفه ، واستمر على هذا الحال ، ثم مرض أياما قلائل. ومات ثم أرخ وفاته (٢) (٤٧ و) ف كما تقدم.
«حكاية» :
دخل على ابن شداد يوما رجل من العرب يقال له أبو الحجاج يوسف ، وكان قريب العهد ببلاده ورد حلب في تلك الأيام. وكان فاضلا في الأدب والحكمة. فلما رآه على تلك الهيئة من الهزال والنحافة ، أنشده :
لو لم يعلم الناس ما في أن تعيش لهم |
|
بكوا لأنك من ثوب الصبا (٣) عار(٤) |
ولو أطاقوا انتقاصا من حياتهم |
|
لما فدوك بشيء غير أعمار (٤٦ و) ف |
فأعجبه ذلك. ودمعت عيناه. وشكر له (٥)
__________________
(١) (وفيات الأعيان : ٧ / ٩٩)
(٢) ٦٣٢ ه. (وفيات الأعيان : ٧ / ٩٩)
(٣) في الأصل : الصبى.
(٤) وفي رواية أخرى : عاري.
(٥) ذكر الحكاية ابن خلكان في : «وفيات الأعيان : ٧ / ٩٣».