وعلى بابه حوض للسبيل ، ومكتب للأيتام من إنشا [ء] تغري بردي المذكور. ووقف على ذلك أوقافا مبروره من جملتها في معرة عليا (١) من عمل سرمين.
وهذا الجامع لا يضاهى منكلى بغا في النورانية ؛ إذ ذلك أسس على التقوى ؛ كما سيأتي في ترجمته.
وعلى بابه مسجد قديم سكن به الشيخ علي الفولاذي نسبه إلى الشيخ الصالح محمد فولاذ القدسي ؛ سمي بذلك لصلابته في دينه.
وكان يحج كثيرا ، واجتمعت به سنة ست وثلاثين بالمدينة المشرفة بالحرم الشريف بدلالة (٢) تلميذه الشيخ علي المذكور فرأيته رجلا صالحا متعبدا ، متقشفا ، وأقام تلك الليلة يحادثنا في طريق القوم حتى انتهاء الليل ثم ودّعنا. ولم ينم في المسجد الشريف. فسألته عن سبب ذلك فقال أخاف من خروج حدث في هذا المكان.
وقد توفي الشيخ علي المذكور في بعض الفصول شهيدا. وكان يكتب كتابة حسنة على طريقة ياقوت. وهو شكل حسن ظريف ، يتزيا بزي القوم ، ويلبس لباسهم. ويتكلم على طريقهم. متعفف منقطع عن الناس مع ما فيه من الفقر. وأوصى أن أصلي عليه إماما. انتهى.
وهذا الجامع ندب تغري بردي لعمارته مشدا (٣) يقال له : ابن الزين فاعدل. وأقام له خطيبا قاضي المسلمين كمال الدين ابن العديم.
ثم صارت من بعده الخطابة لولده ناصر الدين (٣٤ و) ف.
__________________
(١) معرة عليا : لعلها ما يعرف الآن بمعلتاية. وهي مزرعة تتبع لقرية معترم من عمل اريحا. وتبعد عنها ٦ كم وعن ادلب ١٨ كم. (التقسيمات الادارية : ١٣٨).
(٢) م : العبارة : «بدلالة تلميذه الشيخ على المذكور» استدركت على الهامش.
(٣) مشد العمائر : المشد يعني المفتش أو الناظر أي ناظر على عمال البناء وعليه واجبات. (نقد الطالب لزعل المناصب : ١٧٥ مع الحاشية).