إن الدهر حار (١) أمرا |
|
يهون أذاه يهن |
فكم زخرف قد سبا |
|
إذا زلزلت لم يكن |
فلو رأيت حلب وقد أشرفت على سوء المنقلب. ووضح بجامعها مزوق وأماكن وتعلمت منارته باب الإماله وتحريك الساكن. فلولا بركة النداء فيها لرجمت ولكن الله سلم ، فسلمت. انتفع ما يليها بشرف التذكير. وسلم جميعها الصحيح من (١٤ ظ ف) التكسير. ولو رأيت القلاع والحصون وقد أزالت الزلازل منها كل مصون :
طارت لقلع القلاع زلزلة |
|
ما خشيت رأسا ولا صايد |
إذا رأى الحصن من رماه بها |
|
خزله من أساسه ساجد |
ولو رأيت منبج منبت كل سري ، ومهب الريح السحري ، وهي لشدة الطمس كأن لم تغن بالأمس ، وقد كسف (٢) الرمل منها كل بدر وشمس. وليس وفاتهم بالردم نقصا لقدرهم. ففي الشهداء صاروا :
وما في بسطوة الخلاق عيب |
|
ولا في ذلة المخلوق عار. |
فوا أسفا عليها من مدينة جليلة أصبحت دفينة. وكانت الألسن عن وصفها كليلة.
غشيها قتر (٣) وظلمة ، وركبتها ريح سوداء مدلهمة.
هلكوا هم وديارهم في لحظة |
|
فكأنهم كانوا على ميعاد. |
نبشوا وأوجههم تضيء من الثرى |
|
مثل السيوف بدت من الأغماد. |
وقال ابن حبيب معرضا بمن خرج إلى بر حلب خوفا من الزلازل (٤) :
يا فرقة فرقوا وعن حلب نأوا |
|
وتباعدوا لما رأوا زلزالها |
__________________
(١) كذا.
(٢) ف : «كشف».
(٣) قتر : غبار.
(٤) م : استدرك شعر ابن حبيب على الهامش.