فمن أحب الدنيا
وتولاها أبغض الآخرة وعاداها ، وهما بمنزلة المشرق والمغرب ، وماش بينهما كلما قرب
من واحد بعد عن الآخر ، وهما بعد ضرتان .
وعن نوف البكالى ، قال : رأيت أمير
المؤمنين عليهالسلام ذات ليلة
وقد خرج من فراشه فنظر إلى النجوم ، ثم قال : يا نوف ، أراقد أنت أم رامق؟ قلت :
بل رامق يا أمير المؤمنين ، قال يا نوف : طوبى للزاهدين في الدنيا الراغبين في
الآخرة ، اولئك قوم اتخذوا الارض بساطا ، وترابها فراشا ، وماءها طيبا ، والقرآن
شعارا ، والدعاء دثارا ثم قرضوا الدنيا قرضا على منهاج المسيح عليهالسلام.
يا نوف إن داود عليهالسلام ، قام في مثل هذه الساعة من الليل ،
فقال إنها ساعة لا يدعو فيها عبد الا استجيب له الا ان يكون عشارا ، أو عريفا ، أو
شرطيا ، أو صاحب عرطبة ( وهى الطنبور ) أو صاحب كوبة ( وهي الطبل ) .
وقال عليهالسلام
: إن الله فرض عليكم فرائض فلا تضيعوها ، وحد لكم حدودا قلا تعتدوها ، ونهاكم عن
أشياء فلا تنتهكوها ، وسكت لكم عن أشياء ولم يدعها نسيانا فلا تتكلفوها ، رحمة من
ربكم رحمكم بها فاقبلوها .
وقال عليهالسلام
: لا يترك الناس شيئا من دينهم ، لاستصلاح دنياهم إلا فتح الله عليهم ما هو اضر
منه .
وقال عليهالسلام
: رب عالم قد قتله جهله ، ومعه علمه لا ينفعه .
وقال عليهالسلام
: أعجب ما في هذا الانسان قلبه ، وله مواد من الحكمة وأضداد من خلافها ، فإن سنح
له الرجاء أذله الطمع ، وإن هاج به الطمع أهلكه الحرص ، وإن ملكه اليأس قتله الاسف
، وإن عرض له الغضب إشتد به الغيظ ،
ـــــــــــــــ