القاضي وركب من معه
أجمعين وتبعهم جميع من بالمدينة من الرجال والنساء والعبيد والصبيان وينتهون إلى
موضع مرتفع خارج المدينة ، وهو مرتقب الهلال عندهم ، وقد فرش ذلك الموضع بالبسط
والفرش فينزل فيه القاضي ومن معه فيرتقبون الهلال ثم يعودون إلى المدينة بعد صلاة
المغرب، وبين أيديهم الشمع والمشاعل والفوانيس ، ويوقد أهل الحوانيت بحوانيتهم
الشمع ، ويصل الناس مع القاضي إلى داره ثم ينصرفون ، هكذا فعلهم كل سنة.
ثم توجهت إلى
مدينة المحلة الكبيرة وهي جليلة المقدار ، حسنة الآثار كثير أهلها ، جامع
بالمحاسن شملها ، واسمها بيّن ، وبهذه المدينة قاضي القضاة ، ووالي الولاة ، وكان
قاضي قضاتها أيام وصولي إليها في فراش المرض ببستان له على مسافة فرسخين من البلد
وهو عز الدين. بن خطيب الاشمونين ، فقصدت زيارته صحبة نائبه الفقيه أبي القاسم ابن بنون
المالكي التونسي ، وشرف الدين الدميري قاضي محلة منوف وأقمنا عنده يوما. وسمعت منه ، وقد جرى ذكر الصالحين ، أن
على مسيرة يوم من المحلة الكبيرة بلاد البرلس ونسترو ، وهي بلاد الصالحين وبها قبر الشيخ مرزوق صاحب المكاشفات
، فقصدت تلك البلاد ونزلت بزاوية الشيخ المذكور ، وتلك البلاد كثيرة النخل والثمار
والطير البحري ، والحوت المعروف بالبوري ، ومدينتهم تسمى ملطين وهي على ساحل البحيرة
__________________