قال ابن جزي : في بلدة صفاقس يقول عليّ بن حبيب التّنوخى :
سقيا لأرض صفاقس |
|
ذات المصانع والمصلّى |
فحمى القصير إلى الخليج (٤٩) |
|
فقصرها السّامي المعلّى |
بلد يكاد يقول حين |
|
تزوره : أهلا وسهلا! |
وكأنه والبحر |
|
يحسر تارة عنه ويملا |
صبّ يريد زيارة |
|
فإذا رأى الرّقباء ولّى!! |
وفي عكس ذلك يقول الأديب البارع أبو عبد الله محمد بن أبي تميم وكان من المجدّين المكثرين :
صفاقس لا صفا عيش لساكنها |
|
ولا سقى أرضها غيث إذا انسكبا |
ناهيك من بلدة من حلّ ساحتها |
|
عانى بها العاديين : الرّوم والعربا (٥٠)!! |
كم ضلّ في البرّ مسلوبا بضاعته |
|
وبات في البحر يشكو الأسر والعطبا |
قد عاين البحر قبحا في جوانبها |
|
فكلّما همّ أن يدنو لها هربا! |
رجع ، ثم وصلنا إلى مدينة قابس (٥١) ونزلنا بداخلها وأقمنا بها عشرا لتوالي نزول الأمطار.
__________________
(٤٩) يترجم كيب كلمة (المصانع) بالصهاريج والأحواض الأمر الذي يفسّر وفرة الماء بالمدينة ... وينبغي قراءة (فحمي) بالفاء حرف عطف ثم حمى ... وليس محمى بالميم أولا ...
هذا ويضبط الناشران الأولان D.S. كلمة القصير على أنها تصغير قصر ويشكلها گيب بفتح القاف وكسر الصاد.
(٥٠) الاشارة إلى حركات القراصنة المتوالية على الساحل التّونسي واللّيبي مما سنرى ابن بطوطة عند عودته أيضا يشاهده! انظر كراتشكوفسكي : تاريخ الأدب الجغرافي العربي. تعريب صلاح الدين عثمان ، دار الغرب الإسلامي ١٤٠٨ ـ ١٩٨٧ ص ٤٥٩.
(٥١) يقدم ابن الوزان مدينة قابس على أنها من بناء الرومان على ساحل البحر المتوسط في داخل الخليج ... وأن نهب الاعراب لها أدى إلى انحطاطها ...
وقد كان من أغرب ما قاله البكري عن قابس : أنها لم تكن لها مراحيض فيخرج أهلها للخلا ، وحينا يقف عليهم من يأخذ فضلاتهم للسماد وربما تنازع الواقفون على الفضلات فيعطيها صاحبها لمن يشاء! وكذلك نساؤهم لا يرين في ذلك حرجا إذا سترت إحداهن وجهها!! وقد وصفها التيجاني في رحلته بأنها جنة الدّنيا. يلاحظ أن التمجروتي نقل عن ابن بطوطة عنها ما لم يقله!!