الدخول عنوة إلى بستان الشريعة. وكانت نساء الشريف الأكبر موجودات في البستان ، يحرسهم عدد من الخدم ، ولم يكن الأرناؤط ليأخذوا في الحسبان ، لا وجود النساء ، ولا منزلة المالك ، واضطر الخدم الذين فاض بهم الكيل إلى مواجهة القوة بالقوة ؛ ودارت إثر ذلك معركة سالت فيها دماء الجانبين ؛ ولّما علم بدو الجوار بالإهانة التي لحقت بأميرهم سارعوا إلى المكان مسلحين ، ولو لا أن الأرناؤط ولوا الأدبار مسرعين قبل وصول البدو لما نجا أحد منهم.
ولّما وصل خبر الحادثة إلى أسماع الباشا الرعديد ، كما يبدو ، حل به الخوف والاضطراب ، وهرب من الطائف إلى جدة على وجه السرعة ، معتقدا أو مدعيا وجود ثورة عامة وسط البدو. ولم يفلح أي شيء في إقناعه بالعودة إلى الطائف ، حتى إلحاح الشريف الأكبر نفسه الذي لم يجد نفعا. ولم يكن وقوع هذا الحادث إلّا ليفاقم العداوة المعلنة من قبل بين العدوين (١).
__________________
(١) يذكر هوروخرونيه في صفحات من تاريخ مكة المكرمة ، موثق سابقا ، ج ١ ، ص ٢٨٥ أن الصداقة بين باشا مكة المكرمة والشريف عبد المطلب لم تدم طويلا ... فعندما أطلقت بعض العيارات النارية التي اخترقت طربوش الباشا في أثناء وجوده في المثناة بالطائف ـ التي كان يقضي الشريف فيها فترة الصيف ـ لم يستطع الباشا أن يتصور أن حدوث ذلك كان صدفة ، بل إنه أمر وقع بتدبير من الشريف نفسه. ومرة أخرى تمّ تغيير الباشا ، والسبب هو شك الشريف أن الباشا كان يريد اعتقاله. لقد تم إخطار الشريف بوساطة أصدقائه بأن هناك حملة قد نظمت لإلقاء القبض عليه من قبل الوالي في أثناء تمرين على السلاح ، كان من المفروض أن يحضره مع الباشا نفسه. لهذا ابتعد الشريف دون أن يلحظه أحد ، وتوجه نحو الطائف حيث جهز نفسه لمقاومة الهجمات ـ