إن أهمية هذه
الرحلة تكمن في أنها تقدم صورة واضحة عن الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية
في أوائل النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، وهي فترة تقل مصادرها ، ونحتاج إلى
مثل هذه النصوص ، لزيادة معرفتنا بها. وللرحلة أهمية لا تنكر في مجال المعلومات
الجغرافية والاجتماعية والاقتصادية عن الأماكن التي مرّ بها ديدييه انطلاقا من
السويس حتى الطور ، وجبل سيناء ، والبحر الأحمر ، وينبع ، وجدة ، والطائف ؛ إذ
نجده يصف الأماكن والأسواق والمياه والأشجار ، ويركز على البشر بطباعهم ولباسهم
ومساكنهم ، وسيجد علماء الانثروبولوجيا (الإناسة) ، وعلماء الاجتماع ، والجغرافيون
فائدة جلّى في رحلة ديدييه.
لقد التقى ديدييه
بأشخاص من الطراز الأول إبّان رحلته مثل : خالد بن سعود ، وعبد المطلب بن غالب
شريف مكة المكرمة ، وغيرهما من الأشراف ، وبالقنصل الفرنسي في جدة روشيه ديريكورRochet D\'HEricourt ، والقنصل البريطاني فيها السيد كول M.Cole ، والوالي العثماني أحمد عزت باشا ، وكرد عثمان باشا ،
أحد القادة العسكريين الأتراك. وغيرهم من التجار من ذوي الأصول الهندية والأوروبية
، ويجد القارئ في الرحلة تحليلا سلوكيا رائعا لكل تلك الشخصيات المختلفة في
أخلاقها وطبائعها والحضارات التي تنتمي إليها. إن المعلومات التي يقدمها ديدييه ،
بأسلوب رائع ، ومقدرة على الوصف هائلة ، تذكرنا بالكاتب الفرنسي الكبير إميل زولا
، الذي كان يبلغ من العمر (١٤) عاما عندما قام ديدييه برحلته ، وكان عمره (١٧)
عاما عندما نشرت رحلة ديدييه ، فهل قرأ زولا ما كتب ديدييه؟ وقد ضمن ديدييه رحلته كثيرا
من معالم