بالحجاز جهودا جبارة ، وأظهر حزما نادر المثال. ولما أخفق في الحرب لجأ إلى المفاوضات ، وبدأها أولا مع القبائل المجاورة لمكة المكرمة ، واستمال عددا منها بدفع مبالغ مالية كبيرة [...].
لقد أبدى محمد علي للبدو ودا ومحاباة جعلت له بينهم أصدقاء كثرا : كان يستقبلهم بلا تكلف ، ويسمح لهم بمخاطبته على طريقتهم فيما اعتادوه من عدم المجاملة ، ويغدق عليهم الهدايا ، ويدفع بكرم لكل المتطوعين الذين يقدمونهم للخدمة في جيشه ، وكان في كل الخصومات يجعل الحق دوما إلى جانبهم ضد جنوده أنفسهم. وأوغل في هذه السياسة فأصبح يستجدي رضا أهل مكة المكرمة ، ومع أنه ماسوني بالمفهوم العربي لهذه الكلمة ، أي ملحد ومشرك مجاهر ، فإنه كان يتظاهر بالحمية والإخلاص ، ويكرّم العلماء ، ويجري لهم الجرايات ، ويرمم الأماكن المقدسة ، ويتردد / ١٩٨ / بكثرة إلى المساجد ، ويؤدي بدقة الشعائر الطويلة حول الكعبة ، كان ، بعبارة واحدة ، يؤدي كل الواجبات التي يؤديها المسلم المثالي.
وعندما ظهر له أن تلك الوسائل وما شابهها جعلت الأمور تستقيم له بادر بكل قوته ، وبمساعدة فرقة من الخيالة الذين جلبهم من الصحراء الليبية ، إلى تنظيم حملة جديدة ضد الوهابيين المجتمعين في بسل ؛ وهي قرية إلى الشرق من الطائف ، وأحرز شخصيا نصرا حاسما في شهر يناير (كانون الثاني) ١٨١٥ م. كان سعود قد توفي العام