وكان سعود حينئذ قد أبطل الدعاء للسلطان العثماني على المنابر في الصلوات العامة ، مما يعني أنه أعلن التمرد الذي يعادل إعلان الحرب.
كان أكثر جيران سعود شعورا بالتهديد هو الشريف غالب بلا ريب الذي كان حينئذ يحكم الحجاز ، وقد كانت الأراضي التي تخضع لسلطته تتصل بأراضي / ١٩٠ / الأمير الجديد. وقد قام هذا الأخير بعدد من التوسعات ، وكان يخشى من توسعات أكثر خطورة في المستقبل.
لقد كان غالب المذعور ، لا يكّف عن تشويه صورة الوهابيين لدى الباب العالي ، وعن إثارته ضدهم ، أملا في أن يساعده الباب العالي في توجيه ضربات حاسمة لهم. ولّما لم يستطع التغلب على حذره حمل السلاح منذ عام ١٧٩٣ م ، ومع أنه اعتمد على موارده الخاصة ، فإنه حقق بعض الانتصارات في نجد. واستمرت الخصومة عدة سنوات بين الجارين ، وكانت الحظوظ إبّان ذلك متساوية بينهما ؛ ولكن ، وفي النهاية ، وعلى الرغم من حنكة غالب العسكرية ، كان الانتصار من نصيب الوهابيين : لقد دخلوا الحجاز بقوة كبيرة ، واستولوا على الطائف في عام ١٨٠١ وعلى مكة المكرمة في عام ١٨٠٣ م ، وكان انضباطهم مضرب المثل في المدينة المقدسة ، ولم ترتكب أي مخالفة. ولم يعان المكيون إلّا من وجوب مداومة الحضور إلى المسجد في أوقات الصلاة ، ومن حرصهم على إخفاء ملابسهم الحريرية ، ومن الامتناع عن التدخين علانية ، إلّا أنهم عوضوا عن ذلك بالتدخين كما يحلو لهم في منازلهم.