باعتبار أن تلك الديانات نزلت في أمكنة متقاربة ، ويمكن القول : إن لها مهدا مشتركا واحدا. إن صعود جبل سيناء صعب ومرهق ؛ لأن المكان ما زال كما كان في بدايته منحوتا على شكل درج ، وسيظل كذلك حتى النهاية. ولكن ذلك الدرج الذي يفترض أن يسهل عملية الصعود ، أصبح نصف مهدم ؛ مما يجعل الصعود مرهقا ، والنزول محفوفا بالمخاطر. وفي طريق العودة إلى سهل إيليا عدنا إلى الدير عبر طريق أخرى ، وأدهشني أن الطريق من هذه الناحية جيدة ، وهي في بعض الأحيان محفورة في الصخر القاسي ، وتكاد تكون صالحة لمسير السيارات. إن هذه الطريق التي هي صورة مصغرة عن ممر سيمبلون (١) Simplon تم إنجازها منذ وقت قريب من أجل عباس باشا ذلك الأمير الأفريقي الذي قام مؤخرا بزيارة سيناء ، وبانتظار إنشاء القصر المعلق الذي سبق لي الحديث عنه ، والذي دللت على المكان الذي سيقام فيه على قمة يصعب الوصول إليها (٢). لقد رافقني في رحلتي عدد من رهبان الدير ، وأراد الأخ بيير أن يرافقني ؛ كان شخصا غريبا كل الغرابة ، يلبس جلبابا أزرق ، وقلنسوة أسطوانية ، ويقاسم الرهبان حياة التقشف ، مع أنه ليس برجل دين. كان يوناني
__________________
(١) أحد ممار جبال الألب الرئيسية المستخدمة منذ العهد القديم وربما منذ ما قبل التاريخ بفضل ارتفاعه البسيط (٢٠٠٠ م) ، وهو شرق الحدود بين سويسرا وإيطاليا.
(٢) جاء في كتاب : تاريخ سيناء ... ، موثق سابقا ، ص ٥٤٥ : " ... وبعد وفاة إبراهيم باشا تولى مصر عباس باشا أكبر أولاد الأسرة العلوية. وقد زار سيناء ، واهتم بها اهتماما كبيرا ، وظهر أنه نوى أن يجعلها مصيفا له ، فبنى فيها الحمام فوق النبع الكبريتي قرب مدينة الطور. ومهّد طريقا من دير طور سيناء إلى قمة جبل موسى. وشرع في بناء قصر جميل على جبل" طلعة" غربي جبل موسى. وشرع في مد طريق للعربات من مدينة الطور إلى القصر ، ولكن عاجلته المنية قبل أن يتمها ...".