قلت : ووجه الاستدلال أنه ذكر الشجَر في أحد الحديثين ؛ وهو في العُرف : ما له ساقُ عودٍ صُلْبةٌ ، وفي الثاني ذكَر الأراكَ : وهو بالاتفاق من عظام شجر الشوك يُتَّخذ من عروقه وفروعه المساويكُ وترعاه الإبل.
قالوا : وأطيب الألبان ألبانُ الأراك ، قال الدِينَوريّ : قال أبو زيادٍ : وقد يكون الأراك دوحةً مِحْلالاً ، أي يَحُلّ الناس تحتها لسعتها. ويُقال لثمر الأراك : المَرْدُ والبَرِيرُ والكَبَاثُ (١) ، قال : وعنقودُ البَرير أعظمُه يملأ الكفَّ ، وأما الكَباث فيملأ الكفَّيْن ، فإذا التقمه البعيرُ فضَل عن لقمِته.
وأظهرُ من هذا قوله تعالى (٢) : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ)(٣) يعني الشجر الذي ترعاه المواشي. وعن عكرمة : «لا تأكلوا ثمن الشجر فإنه سُحْتٌ». قال أبو عُبيد : يعني الكلأ. والذي يدُلُّ على أن المراد بالشجر في الآية المرْعى قولُه (فِيهِ تُسِيمُونَ) وهو من سامت الماشيةُ إذا رعَت ، وأَسامَها صاحبُها ، وعن النَضْر : أمْرَعتِ الأرض إذا أَكْلأتْ في الشجر والبَقْل.
قال الأزهري (٤) : «الكلأ يَجْمع النَّصِيَّ والصِلِيّان والحَلمَة والشِّيحَ والعَرْفَج» (٥) قال : «وضُروبُ العُرَى داخلة في الكلأ» ،
__________________
(١) في هامش الأصل : «البرير ثمر الأراك : فالغض منه المرد ، والنضيج : الكباث».
(٢) تعالى : زيادة من ع ، ط.
(٣) النحل ١٠.
(٤) التهذيب ١٠ / ٣٦٣ بتصرف.
(٥) في هامش الأصل : «النصي : نبت معروف ما دام رطبا فإذا يبس فهو حليٌّ ، والصليان : نبت. قال بعضهم هو على تقدير فعلال ، وقال بعضهم : فعليان ، والحلمة : رأس الثدي وهما حلمتان ، والحلمة أيضا : ضرب من النبت ، العرفج : شجر ينبت في السهل ، الواحدة عرفجة ، وبها سمي الرجل ، والشيح نبت ، والشيح في لغة هذيل : الجاد في الأمور».