ابن الهيتي الى إربل اتفقت أنا والشيخ داود (٨) على زيارته ، فقال داود وقد قالوا عنه إنه يخبر بالمغيبات ، فإن كان كما يزعم الناس ، فهو يدعو لولدي الغائب بالسلامة ، فقلبي خائف عليه ـ وكان نازلا في درب المنارة (٩) ـ. فلمّا دخلنا عليه تقدم داود فقبّل يده ، فقال : أهلا بالشيخ ، كتب الله سلامة ولدك. وقبّلت بعده يده ، فقال : «قل لا يعلم من في السّماوات والأرض الغيب إلّا الله» (ث) صدقت. قال سعد بن عبد العزيز : وكنت قرأت هذه الآية لداود لمّا قال لي ما قال في الطريق ، فاستحييت وبكيت.
١٢ ـ أبو الحسن علي ابن القاضي (... ـ بعد سنة ٥٩٦ ه)
هو أبو الحسن علي بن عثمان بن عمر بن الحسين (١) البوهرزي ، من قرية من قرى العراق تسمّى «بوهرز» (٢) ويعرف بابن القاضي ، من أصحاب علي بن الهيتي ورد إربل في سنة خمس وتسعين وخمسمائة أو ست ، في رجب منها ، ونزل بالزاوية المعروفة بسكنى أبي بكر الأواني (٣). وذكر أنّ له إجازة من الشريف العبّاسي المكي أبي العباس أحمد بن محمد عبد العزيز (٤) ـ رحمه الله ـ فسمعت عليه جزءا من روايته ، ثم رأيته شيخا مغفّلا فتركت الرواية عنه (أ).
حدثنا أنه كان عندهم بطريق خراسان (٥) رجل / يسمّى سنجارا له في كل سنة يوم يأكل فيه ألف رطل ، وهذا الرجل مشهور الاسم والأكلة ، ولهذا عرضت بذكره. فقال الشيخ أبو الحسن ابن القاضي : إنه بات عندي ليلة وقد تعشّى مع الجماعة ، فلما كان بعض الليل ، قال : قد جعت ، فقلت : عندك في العلبة رطب ـ وكان قد جنينا من نخل الرباط نحوا من تسعمائة رطل ـ أو كما قال ، فأكلها ، ثم قال : أنا جائع ، قال : فقلت له كل من الرطب ، فقال : قد أكلته. ففقدت العلبة (ب) وقد أكله بنواه ، وهو يصيح الجوع ، ثم تمّم أكله بطين الحائط. وكان في باقي الأيام يأكل كما يأكل الناس. وقد سمعت ذلك من غير واحد ، إلّا أن (ت) هذا الشيخ قال : شاهدت ذلك ، والله أعلم.