النعيم المقيم ، ومن مات على هذه المقالة مآله نار الجحيم. لا جرم إنّ واضح هذه العقيدة لا تقبل توبته ، ولا تغفر حوبته ، فإنه وإن رجع عن اعتقاده ، فكيف بمن مات عن ضلالته؟ وتلك تبعته وبدعته. فهو أعظم جريمة وأسوأ حالا من الزاني / والقاتل والكافر ، فإنّ كلّ واحد من هؤلاء معصيته تختص به ، لا جرم إذا تاب تاب الله ـ تعالى ـ عليه. وأمّا معصية هذا الضّالّ المضلّ ، فهي متعدية إلى غيره ، وقد مات عليها جماعة ، وهو أحد الرجلين الذي قال فيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ : «قصم ظهري رجلان ، عالم متهتّك وجاهل متنسّك ، هذا ينفّر الناس بتهتّكه ، وهذا يضلّ الناس بتنسّكه» ، وهو داخل تحت قوله ـ تعالى ـ (وليحملنّ أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم) (ز) ، وتحت قوله ـ صلوات الله عليه وسلامه ـ (من سنّ سنّة حسنة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة) (ز). وقد أمرت الصحابة ـ رضي الله عنهم أجمعين ـ بتجريد القرآن عن النقط والشكل وأسماء السور والتعاشير ورؤوس الآيات حذارا من هذه الفتنة ، غير أن الحجاج (٧) لمّا رأى إطباق الخلق على أن ما عرى المكتوب في المصحف بين الدفّتين ، ليس من القرآن ، أمر بالنقط والشكل وأوائل السور والآيات والتعاشير بأن يثبت في المصحف ، لا منه عن اعتقاد أنّها من القرآن ، وأمر بحصر المساجد وزينتها. فأي جهالة أعظم من اعتقاد أن ما ابتدعه الحجاج وأمر به يصير كلام الله ـ تعالى ـ ويتّصف بصفة القديم؟ نعوذ بالله من عقل ودين يقود إلى هوى هذه الجهالة ، ويسوق إلى هذه الضلالة. وبالجملة فمعتقد هذه المقالة ، إن كان يفهم معنى كلام الله ومعنى القديم ، وأصرّ بعد ذلك على (س) هذه العقيدة ، فهو مرتدّ مباح الدم والمال ، مفسوخ النكاح في الجملة ، لا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين. ولا يحلّ لمتولّ ولا سلطان ولا ذي قدرة وشوكة ، تقريرهم على هذه العقيدة ، وهو آثم عاص ـ إن قدر / على كفّهم عنها ومعاقبتهم عليها ـ وقصّر وأهمل أمرهم ، والله ـ تعالى ـ سائله عن ذلك ، بل عليه السعي في