وبه قال ـ عليه السلام ـ : «من كتب حرفا من العلم لمسلم ، فكأنّما أعتق رقبة وتصدّق بماله ، وكتب الله ـ تعالى ـ بكلّ حرف حسنة ، ومحا عنه سيئة ، ورفع له بها درجة» (ض). ذكره في باب الاثنين.
٣٩ ـ أبو النّجيب السّهروردي (٤٩٠ ـ ٥٦٣ ه)
هو أبو النجيب عبد القاهر (١) بن عبد الله بن محمد بن عمّويه (أ) ، الفقيه الشافعي الصوفي. ورد إربل قديما ووعظ بها ، وأقام ببغداد صدرها المشار إليه ، وشيخها المعوّل عليه. درّس بالنظامية على مذهب الشافعي ـ رضي الله / عنه ـ وفيها تفقّه وسمع عليه الحديث ، وكان تقدم في طلبه ، وله عدة أمال ، مشهور الذكر ، شيخ شيوخ الصوفية في القدر. قال أبو حامد محمد بن محمد الاصبهاني (ب) : «وعمّويه هو عبد الله (٢) بن سعد بن الحسن بن القاسم بن علقمة بن النضر بن معاذ بن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصدّيق ـ رضي الله عنه ـ». إمام عالم مفت كبير البيان ، منير البرهان. أول شروعه في الزهد ، بلغ في السلوك غاية الجهد ، وحمل قربة الماء على كتفه وسقى ، ثم صعد وارتقى ، وبلغ في الرياضة الغاية القصوى ، وبنى مدرسة ورباطا (٣) وأسكنهما المتفقهة والصوفية. يدرّس العلم ويلبس الخرقة (ت) ، وقد انتشرت في الآفاق تلامذته ، وظهرت بالعراق كرامته ، وله شعر ، فمن ذلك قوله على طريقة أهل المعرفة والتصوّف : (الطويل)
أحبّكم ما دمت حيّا وميّتا |
|
وإن كنتم قد حلتم في بعاديا |
وعذّبتم قلبي بشوقي إليكم |
|
فحسبي (ث) لقياكم وحبّي باديا |
وقلّ خروجي من كناسي لأنني |
|
فقدت بقاعا كنت فيهنّ باديا |
وإخوان صدق كنت آلف قربهم |
|
وكانوا يبادوني بكلّ مراديا |
لقد طفئت ناري وقلّ مساعدي |
|
وزال أنيس كان يوري زناديا |
فيا ليت إن لم يجمع الله بيننا |
|
سمعت بشيرا لي بموتي مناديا |