الفصل التاسع
ذكر فتح مصر فى خلافة عمر بن الخطاب
على يد عمرو بن العاص
أجمع المؤرخون على صحة القول بأن مصر دخلت فى حوزة أمة محمد بعد وفاة النبى صلىاللهعليهوسلم بثمانية عشر عاما ، وفى خلافة عمر استولى الملك هرقل اللعين على القدس الشريف ، وأعاد عمر فتح القدس الشريف بجيش قوامه أربعين ألف مقاتل ، ووجه عمرو بن العاص والأسود بن المقداد على رأس جيش من أربعين ألف مقاتل لفتح مصر ، فاتجها إلى مكة المكرمة ، ومن جانب جمع عمرو بن العاص جيشا قوامه أربعة آلاف وخمسمائة من فرسان العرب وأربعة آلاف مختارين من خيرة العربان البواسل الأبطال مشاة ، وبعد طى المنازل وقطع المراحل ، بلغ عمرو بن العاص الرّملة على مقربة من العريش وهناك مكث حينا ، وحين مقامه فيها جاءه رسول من قبل عمر بن الخطاب يحمل رسالة فحواها قوله له :
«إذا بلغتك رسالتى وكانت قدمك قد وطأت أرض مصر. فاحمل على مصر ، وسوف ييسر الله أمرك بمشيئته ـ تعالى ـ ، أما إن كنت لم تدخل أرض مصر بعسكر الإسلام ، وكانت غزوة عمان فى العراق ولزام أن تعود».
فجمع عمرو رجاله وأهل البلاد وتلا الرسالة ثم سألهم : العريش فى أرض مصر أم هى أرض فلسطين؟ فردوا عليه قائلين : يا عمرو إن العريش على منزلين داخل مصر ، ولما شهدوا له على ذلك ؛ أرسل إلى عمر يخبره هذا الخبر مع راكب الوجناء لسرعة سيرها ، فقال عمرو بن العاص : توكلت على الله ، وتوجه إلى مصر.
وكان المقوقس على الفسطاط وإليا لليونان وهى الآن تسمى مصر القديمة ، وأرسل المقوقس إلى عمرو بن العاص رسائل فى الخفاء ، ومن ناحية أخرى أرسل هرقل اللعين من أنطاكية وطرابلس وصيدا وعكا ألف سفينة تحمل ستين ألفا من جنده إلى قلعة الإسكندرية. فحملوا جميعا على جند الإسلام ، واتجهوا إلى ساحة مدينة بلبيس للقتال ، واختلط جند الفريقين فى ساحة الوغى وتراشقوا بالسهام ، فكانا بحرين تلاطمت