الجحش جميل الشكل ، إلا أنه لا يستطيع أن يحتمل المشقة مثل سائر الخيول ، وهو مع ذلك يركب. حتى إن حاكم قوص على الكاشف كان له جحش فرس النيل ، وعندما بلغ العام الثانى كنا نلعب الجريد مع الأغوات فى مصطبة على شاطئ النيل وكان هذا الجحش معنا ، وعندئذ ظهر على ساحل النيل حصان «سهيلى» فالتفتت إليه جميع خيولنا وانتصبت آذانها ، وفى عينه قصف الرعد ، وعندما سمع الجحش ذلك جذب لجامه من يد القواس ووثب بإكافه فى الماء فتبعه جميع الفرسان الموجودين فى ساحة لعب الجريد ، إلا أنهم فقدوا أثره فى الماء. وبعد مدة خرج الجحش ثانية منه وقد سال الدم من منخريه وخرج إلى الضفة المقابلة للنيل وخرج ورائه دابة الماء التى تشبه دابة الأرض وطاردت الجحش وهى تعضه حتى قفز الجحش فى الماء وتبعته إلى أن غاب الإثنان فى ماء النيل. ثم برز الجحش على صفحة الماء وجعل يسبح وعبر النيل إلى الشاطئ المقابل فطرح عدة قواسين أنفسهم فى النيل وهم عراة وتعقبوا الجحش وأخرجوه إلى الضفة التى نحن عليها وهو يختلج ، ثم خرج فرس النهر من الماء فأطلقوا عليه النار حتى عاد وغاص فى النيل.
وفى اليوم الثالث رأوا جثته عند شاطئ النيل فى قنا ، وما رأيت مثل هذا المشهد قط فى حياتى.
وفى تلك البلاد تكثر أفراس النهر.
بقية أوصاف فرس النيل
إنه غاية فى الجرأة ولذا فهو دائم العراك مع التمساح فى النيل ويتغلب عليه ، وحيثما وجد فرس النيل لا يستطيع التمساح العيش. وعلى الرغم من أنه يشبه الخيول العادية فإنه رقيق الذيل طويل كذيل الثور. ولأن حافر رجليه الأماميتين متشعب يحل أكل لحمه. وفى جسده وبر متنوع. وفكه الأعلى يتحرك كالتمساح ويصهل كالخيل. ويصنعون من جلده تروسا لا تنفذ السهام ولا السيوف ولا المناخس ولكن ينفذ منها الرصاص ، كما يصنعون من ذكره السياط ، والجلادون فى مصر يجلدون الناس بذكره.