كما تزين جميع هذه
القوارب فى داخلها وخارجها بأنواع الأسلحة وكأنها هيأت للحرب ، وتزدحم هذه السفن
المزينة على صفحة ماء النيل من قصر السبتية حتى أثر قدم النبى مرورا ببولاق وقصر
العينى ومصر القديمة بمسيرة ثلاث ساعات فتصبح صفحة ماء النيل وكأنها بستان سفن من
حمر الأزهار ، وتتقارب هذه السفن بحيث يمكن لأى شخص أن ينتقل من قاربه إلى القارب
المواجه له ، فالقوارب تزدحم إلى هذا الحد البعيد.
ويعلم الباشا أن
أهل مصر جميعا على أهبة الاستعداد لقطع النيل ، وتبدأ المواكب فى التحرك.
وصف موكب قطع النيل
ويدخل هذا الموكب
مصر كدخول موكب الباشا الذى سبق الحديث عنه ، غير أن هذا الموكب يضم العلماء
والصلحاء والأشراف والطواشية.
وقبل تحرك الموكب
بيومين تغلق الحوانيت ويصطف أصحابها من أعيان مصر وأشرافها ورجالها ونساؤها
وشيوخها وشبابها على الطريق من القطعة الداخلية إلى بولاق بمسيرة ساعتين وكأنهم
بحر من البشر فى انتظار مقدم الباشا.
ويتقدم الصوباشى
الموكب فى مائتين من رجاله يحملون العصى ، وعشرة من الجلادين لتمهيد الطريق ،
ويتجاوزون المزدحمين ويمر خلفهم أفواج وأفواج من الأئمة والخطباء يتلوهم شيوخ
ثلاثمائة وستين طريقة ، وهم يقرعون الطبول ويبتهلون.
وبعدهم يمر عدة
آلاف من المشايخ الكرام ثم أفواج وأفواج من علماء المذاهب الأربعة وهم فى أبهى
حلة.
ثم يعبر بعدهم
رجال الدين الذين يعرف الواحد منهم «بالمولا» والبالغ عددهم مائتين وستين وهم
يتقاضون خمسمائة أقجة لكل منهم إعانة من المولوية. وهم يمرون وعليهم ثياب من حرير
متحازين ، ثم يمر شيوخ الإفتاء من الشافعية والمالكية والحنبلية وشيخ الإسلام
الإمام الأعظم «مصطفى أفندى البولوى» مع قاضى العسكر وبعدهم السادات الكرام وعددهم
فى مصر ستة وأربعون ألفا ، وهم على خيولهم المطهمة ، وفى نهاية