ـ ١ ـ
الحمد لله وحده وكفى ، وسلام على عباده الذين اصطفى ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا ومولانا محمدا عبده وحبيبه ورسوله ، وبعد ..
حمدا بلا حدّ وثناء بلا عدّ ، على الخلاق الباقى رب العباد ، الذى أوجد كل ما فى هذا الوجود ، وأتم خلق كل ما فى السموات وما فى الأرض والليل والنهار مخاطبا إياها بقوله كن : (فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) يونس : ٣ ، إن الله على كل شئ قدير.
خالق بلا نصب إله عظيم ، خالق الأرض رب العرش العظيم.
ذلك الصانع المصورّ القيوم ، اقتضت حكمته الأزلية وحسب علمه أن يأتى بحبيبه المصطفى إلى أديم هذه الأرض ، وأن يزيّن الأرض ببنى آدم ، وكيما يزين الأرض ببنى آدم ، خلق من التراب بيد قدرته صفىّ البشر آدم ، ونفخ فيه الروح من روحه ، وجعله الكامل المكمل النبى وجعله حقيقا بجواره وأدخله جنة المأوى ، وألّف بينه وبين جميع الملائكة ، ومتّعه بالحور والغلمان فشاهد جمال البارى دونما واسطة وعلّمه كلمات وكان له عند الله حسن القبول ، وسجد لآدم جميع الملائكة المقربين (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ) البقرة : ٣٤ ، وعلى حد قول المفسرين إنه سكن أرض الجنة العالية عاما واحدا وعاش مع أمنا حواء أطيب العيش وفى نهاية الأمر كان لا يسئل عما يفعل ، وبناء على مشيئة الله الأزلية نهاه بتلك الآية الشريفة : (وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ) البقرة : ، وبعد النص القاطع صدر الأمر القاطع لآدم فما ذاق آدم حبة من قمح سنين عددا ، ولكن بما أن العصيان مركوز فى طبع الإنسان نسى ما أمره الله به وبإيعاز من أمنا حواء أكل حبة من قمح ، فطرد آدم من مقره إلى الأرض فى جزيرة (سرنديل) من أرض الهند ، أما أمنا حواء فاستبعدت إلى جدة ، وبناء على قول المفسرين إن آدم وأمنا حواء بعد هبوطهما كانا يسيحان فى الأرض ويتجولان عريانين وعلى رأسهما التاج ، وقد بلغ منهما الجوع مبلغه ومست حاجتهما إلى حبة قمح وهما يهيمان على وجهيهما.