وتتوسط حجرات العزب ينبوع لها قبة عالية تهب الحياة ، ويصعد إلى قبتها بسلم من ست درجات ، إنها عين الحياة ، ولها ماسورتان متجاورتان فى غلظ الذراع ، وهى كذلك منسوبة إلى السلطان الغورى.
وفى داخل باب العزب كذلك ينبوع يجرى فى اسطبل طائفة عسكر حجاج المسلمين ، وتشرب كل الخيول من هذا الماء العذب وهذا النبع كذلك من خيرات السلطان الغورى. وليس فى القاهرة ينابيع سوى هذه وما فى القلعة الداخلية.
وإذا ما سئل عما إذا كانت هذه الينابيع تكفى أهل القاهرة وهم بحر من البشر فتذكر ما جاء فى فرمان السلطان مراد الرابع عن الآبار والينابيع والسواقى بيد أن سواقى البساتين والحدائق قليلة وهى خاصة بها وحدها.
بيان عام بما فى القاهرة من آبار وأحواض وأسواق
فى عهد السلطان (مراد الرابع) وعندما كان بيرم باشا واليا على مصر ـ بناء على الفرمان السلطانى ـ أحصى جميع مبرات ودكاكين الأسواق السلطانية ، وما تحتويها ، وعرض ذلك على السلطان (مراد) ، وجاء فى هذا الإحصاء أن فى القاهرة ٢٧٤٠٠٠ بئر! ذلك لأن ما سلف ذكره من قصور السلف والوزراء والوكلاء والأعيان والأعراف يضم خمسة أو ستة آبار ، أو على الأقل بئر واحدة لكل قصر من هذه القصور.
فضلا عن آلاف الجوامع والمساجد والخانات والمبرات والمدارس لكل منها بئر أو أكثر وعلى رأس كل طريق ، وداخل بعض العطفات أحواض طويلة تسقى منها دواب المسافرين من خيل ، وجمال ، وثيران ، وحمر. ولكل حوض منها سواق ذات سقف منقوش ذى زخارف ، يقوم على أعمدة من حجر ، وتستخرج هذه السواقى الماء من الآبار ، ويتدفق الماء من ثلاثة مواضع على هيئة رؤوس أسود أو تنانين أو شياطين ، فتملأ الأحواض وتشرب منها كل الدواب.
وفى مدينة القاهرة ٩٢٠٠ ساقية ذات حوض ، وكل منها من خيرات سلطان ، أو وزير ، أو عين من الأعيان.