وطبق ما جاء فى سجلات رئيس السقائين أن عدد السقائين النصارى ٢٦٠٠٠ سقاء وكل صاحب قصر له سقاء يجلب له الماء على ظهر الجمل والجواد.
إحدى عجائب مدينة القاهرة
فى مدينة القاهرة إذا هطل ماء الرحمة يشح الماء ، أما إذا هطل فى بلاد أخرى يسر الناس جميعا ويستغرقون فى ماء الرحمة. أما إذا هطل المطر فى القاهرة أكل أهلها بعضهم بعضا من شح الماء لأن تراب القاهرة كأنه ملىء بالزيت فإذا ما هطل المطر ما استطاع أحد الخروج من داره ، وتعذر سير الحمر والجياد والجمال فى الطرق لجلب الماء وبذلك يقع قحط الماء ويبيع السقاء قربة الماء بخمس بارات ، أما الأسبلة فتفتح وتوزع منها المشروبات ويشح الماء ، ولذلك يأمر الصوباشى ٥٠٠٠ زبال يحمل التراب اليابس على حمرهم وفرش الطريق العام به ، ويبدأ الناس فى السير فى الطريق بسهولة ، فليس فى القاهرة أرصفة لذلك توحل شوارعها وتصبح وكأنها شوارع مدينة «سلستره» والعياذ بالله. ولكون مصر بلد ساحلى يهطل المطر فيها مرة أو مرتين فى كل عام.
وإذا ما هطل المطر على الدوام كما هو الشأن فى بلاد الترك لخربت مصر.
ففى عام ٨٣ دام هطول المطر والثلج سبعة أيام بلياليها ولم يستطع الناس المضى إلى المصلى لأداء صلاة الاستسقاء وقد انهدمت بيوت اثنين وعشرين من بيوت الفلاحين والحضر وشح الماء ونزل الثلج على أسطح المنازل بلونه الأبيض الناصع فكان أبناء العرب يقولون : «اش هذا أنزل القطن من السماء» أما الترك حينما شاهدوا ذلك قالوا : «الحمد لله ، انظروا إلى رحمة الله» وكانوا يأكلون الثلج المتساقط هذا. وكان أبناء العرب يجتمعون هنا وهناك ويضعون قطع الثلج فى أفواههم وعندئذ كانوا يقولون : «لحاد يا برد النار». أى أنه يحرقهم كالنار. ولكن ذاب الجليد واختفى ودام هطوله فى البحيرة خمس ساعات كاملة ، وفى تلك السنة نزل البرد كل حبة فيه فى قدر الدرهم.
ولله الحمد فالنبات فى مصر ليس فى حاجة إلى المطر لأن النيل إذا ما فاضت مياهه غمر أقاليم مصر ، وجعلها بحرا قانى الحمرة ، ثم ينحسر الماء ويزرعون الأرض ، وينضح